كتب رئيس التحرير: تحاول دول العالم مواجهة وباء كورونا وإفرازاته الصحية والاقتصادية، متسلحة بإجراءات وقيود منعاً لانتشاره، وكذلك فعلت وفلسطين التي اعتمدت إجراءات عديدة وفي وقتها، مُعظمها منسجمة مع الإجراءات الدولية والتي أقرتها منظمة الصحة العالمية.
الهزة الارتدادية لزلزال كورونا أو "الضربة الثانية" لم يكن صحية، بل اقتصادية بحتة، متسببة خسارة ترليونات الدولارات على مستوى العالم، وانهيار قطاعات وشركات ورجال أعمال، وخسر أفراد أعمالهم بسبب سياسات الإغلاقات للشركات والمصالح التجارية والحجر الصحي داخل البيوت وحتى داخل القرى والمدن.
لمواجهة تلك الإرتدادات وبناءً على اقتراحات قطاعات ونقابات وشخصيات، برزت فِكرة ضرورة إنشاء صندوق لإغاثة المتضررين من إجراءات مكافحة الوباء مثل العمال وأصحاب المهن الصغيرة والسائقين، وحتى اذا أمكن إنقاذ القطاع السياحي والمطاعم والمقاهي، وعليه قررت الحكومة الاستجابة لذلك المطلب فشكلت لجنة مستقلة لإدارة الصندوق من شخصيات اقتصادية ورجال أعمال معروفين للجميع.
للأسف، و قبل أن يبدأ الصندوق عمله بدأت حملة تحريض ضده من خلال نشر معلومات غير صحيحة عمن قادوا هذا الصندوق واتهامهم بتلقي رواتب خيالية، تبين فيما بعد أن ما يقومون به عمل تطوعي، وقالوا هم لم يتبرعوا، ومنهم من تبرع بملايين وأقل مُتبرع منهم دفع 100 الف شيكل، هل هذا عمل بريء؟؟ وما هي الأهداف؟ وهل منع الشعب من التبرع والتكاتف يخدم فلسطين؟
تَبِعهم مجموعات عُمالية منظمة تُشكك وتتهم بالفساد لإدارة الصندوق والحكومة قبل أن يوزع شيكل واحد ! السؤال ما هدف هؤلاء ولماذا لا ينتظروا حتى ينهي الصندوق من عمله، هل مصلحة العمال جعل الناس لا يتبرعون لهم؟ وحقيقة من قام بالتحريض خدم بفعل وإدراك الشركات والقطاعات التي خذلت الشعب ولم تقدم أي تبرع، وفعلا أعطتهم مبرراً لعدم التبرع بدعوى عدم الثقة بالقائمين على الصندوق وفسادهم وفساد الحكومة.
من خلال المبلغ الزهيد الذي تم جمعه وأُعلن عنه (60 مليون شيكل) يتضح أن الحملة ضد الصندوق نجحت بشكل كبير حيث أن هناك شركات و رؤوس أموال لم يُقدموا لصندوق "وقفة عِز" اي شيكل، واستمر التحريض حيث كتب الكثير من العمال أن هناك تأخيراً في توزيع الأموال و مرور 60 يوماً على انتشار الفايروس وأن هناك بيوتاً بلا قوت لأطفالها! وواجب الحكومة توزيع ما جمعته لمستحقيه، وهذا أيضا صب في خدمة من لا يرغب بالمشاركة لشعبه وأضعف حالة التكافل. ونحن في صدى نيوز كان لنا تحفظات وتساؤلات حول أمور عديدة بهذا الصندوق وأيضا انتقدنا التأخر في الصرف لمتضررين ومواعيد الصرف أيضا.
أخيراً أعلنت الحكومة عن موعد توزيع المبالغ التي جمعتها لصالح صندوق وقفة عز، وحددت القطاعات المستفيدة والمبالغ التي ستصرف من ضمنها 700 شيكل للعامل الذي تعطل عن عمله بسبب فايروس كورونا.
وبدأت أيضا حرب الاتهامات من القول إن مبلغ 700 شيكل قليل ولم يصل لمستحقيه وهناك أغنياء قبضوا من الصندوق، علماً أن الحكومة أعلنت أنها الدفعة الأولى وجاهزين أن نستقبل أي ملاحظات في حال حدثت أخطاء، البعض يقول أن وزير العمل لم يكن موفقاً وأخطأ لذكر بعض المخالفين ومِهنهم، بل كان بإمكانه القول أن هناك من له راتب أو دخل ويملكون الآلاف من الدولارات تزاحموا مع عائلات بلا طعام ولا ماء، وآخرين يقولون له إكشف وافِضح الأشخاص الجشعين.
عِشنا ولا زِلنا في جدل واسع حول صندوق "وقفة عِز" فهل الأفضل إلغاؤه وكل متضرر له الله، أم نستمر به وندعمه ونراقب أداءه شعبيا ونقدم اقتراحات عملية لنجاحه باعتباره ضرورة ملحة في ظل هذه الجائحة وارتفاع نسبة البطالة.
الخلل الكبير ليس في إدارة الصندوق وإنما بأشخاص ليس لهم حق أو حاجة ولديهم دخل ورواتب تقدموا بطلبات للصندوق ومنهم من سجل أمه وأخته وأخوه وابنه، والحكومة فحصت الأسماء في وزارة المالية والبلديات وغيرها للتأكد من عدم وجود حالات تتقاضى رواتب وهذا أيضا كان سبباً في تأخر صرف الدفعة الأولى وذلك حتى يتسنى للحكومة التأكد من الأسماء من جميع هذه الدوائر. لكن كيف ستكشف الغني وصاحب الملايين الذي زاحم الفقراء على لقمة عيشهم، وماذا تفعل الحكومة عندما تجد أن اتحاد العمال ليس لديه كشوفات واضحة بأسماء العمال!
الخلاصة صندوق "وقفة عِز" ضرورة مُلحة في هذا الوقت مع ضرورة متابعة ملاحظات المواطنين الهامة والإجابة عليها والتأكد من صحة هذه الملاحظات دون تحسس، ولابد من إستكمال الآتي:
1- تجريم من يثبت تقديمه طلباً يزاحم فقراء شعبنا وهو لا يحتاج.
2- التبرع واجب على الجميع دون استثناء من شركات صغيرة وكبيرة تكون قادِرة على التبرع مهما كان المبلغ، ونبدأ بتبرع الرئيس ثم الحكومة وموظفي القطاع العام والخاص.
3- فرض عقوبة على من يشكك ويتهم الآخرين دون دليل.
4- اعتماد الكشوف للعمال من عدة جهات أهمها وزارة المالية والبلديات والمجالس المحلية وسلطة النقد لمعرفة أي دخِل للمتقدمين بطلب المساعدة.
5- أن تشمل المساعدات أصحاب الفنادق والمطاعم والمقاهي ومكاتب التكسي بما يمكنهم من إعادة فتح مصالحهم وعدم السماح بانهيارها، بعد تغطية العمال والسائقين وغيرهم او من خلال توفير قروض عاجلة وميسرة لهم.
6- التدقيق بالقوائم الوهمية التي تُقدم من قبل النقابات والاتحادات والتي ثبت أن لا صلة لها بالعمال ولا كشوف لديهم ولا هم أعضاء حقيقيون.
7- نشر أسماء العُمال وكل الجهات المستفيدة من الصندوق، واستقبال أي مُلاحظات أو مُخالفات ومعالجتها.
نحن وإن انتقدنا يجب أن ننتقد وفق تصحيح المسار العام وليس التشكيك بكل خطوة تقدم من الحكومة او القطاع الخاص. يجب على الجميع التكاتف والتكافل، ما حدث من تشكيك وهجوم على هذا الصندوق جعل كل من تبرع بفلس واحد للصندوق يندم ويقول يا ليتني لم أتبرع. أيضا مطلوب من القائمين على هذا الصندوق أن يوضحوا للشعب آليات الصرف ومعالجة الأخطاء السابقة كي يُحقق هذا الصندوق الهدف الذي أنشئ من أجله.