كتب رئيس التحرير: دخلت منظمة التحرير في عملية سلام مع إسرائيل بعنوان "الأرض مقابل السلام" وكانت واضحة بقرارها، حل يضمن وجود دولتين إحداهما دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران، والسلطة الوطنية الفلسطينية مقدمة لها وليست إدارة حكم ذاتي وتقاسم وظيفي.
ممارسة إسرائيل منذ العام 1993 والتي قامت على الاستيطان والاستيطان، ثم مزيداً من الاستيطان، لفرض أمر واقع على الأرض، إلى أن وصلنا عام 2020، لتكتشف منظمة التحرير أنها استنفذت صبرها حتى وصلت مؤخراً لنتيجة أن المفاوضات الثنائية مع الاحتلال عبثية.
اتخذت القيادة الفلسطينية قراراً جريئاً، وأعلنت أنها في حِل من الإتفاقيات، أوسلو وبرتوكول باريس وطابا وغيرها، وأصبحت في خبر كان.
هذا القرار التاريخي لن يكون سهلا، وسيحتاج لإجابات واضحة حول كثير من القضايا، مثلاً هل ما زالت منظمة التحرير تعترف بإسرائيل؟ وهل ستترك المواطن يعود للإدارة المدنية لإنجاز معاملات حياتية ضرورية كالعمل او العلاج داخل الاخضر؟ وهل ستقوم إسرائيل بتحمل مسؤوليتها الأمنية والصحية والتعليمية في كل مناطق السلطة الوطنية؟ وهل سيبقى هناك إعتراف بجواز السفر الفلسطيني الذي كُتب في صفحته الأولى أنه تم إصداره وِفق إتفاقية أوسلو؟
هذه أسئلة تُثار الآن بين المحللين والسياسين والمواطنين وعلى منظمة التحرير الإجابة عليها بوضوح، فمن غير المقبول أن يتصرف المواطن إلا بقرار من القيادة حتى تنتقل المنظمة من مرحلة لمرحلة أخرى، ومن الطبيعي أن لا تكون أشكال النضال محددة بوسيلة واحدة، بل تدار الأمور من الفصائل بحنكة سياسية بحيث يحقق شكل النضال هدف سياسياً واضحاً.
العالم بدأ يشعر أن الأمور تذهب نحو المجهول فهل تستطيع الأردن ومصر الاستمرار باتفاقيات السلام الثنائية دون أي تقدم بقضية العرب الأولى، قضية فلسطين؟ وهل يقتنع العالم أن دول الخليج تستطيع فتح علاقات مع إسرائيل دون التقدم بالملف الفلسطيني في ظل سقوط الشهداء هنا وهناك؟؟ وهل يقتنع أحد أن أرض الجزيرة العربية مولد الهادي المصطفى محمد تقبل أن يدمر المسجد الأقصى أولى القبلتين ويدخلها الاسرائيليون؟ هيهات، ناهيك عن ردات الفعل من تركيا وإيران والدول الإسلامية في العالم وكذلك موقف الاتحاد الأوروبي وحتى مواقف أعضاء الكونجرس الذين لن يقبلوا أن تبقى مصالح أمريكا مهددة مقابل تقدم في علاقات روسيا والصين مع العرب والمسلمين.
العالم الآن سيبدأ التحرك ويتساءل، ماذا يُريد الفلسطينون حتى تعود الأمور لحالها ونزع فتيل الانفجار غير المحسوبة عواقبه فهل سينجح؟
وفق ما صرحت به القيادة الفلسطينية التي لم تغلق الأبواب نهائياً وأبقت الباب موارباً عندما قالت وعلى لسان رئيسها ابو مازن، نحن متمسكون بحل الدولتين إسرائيل وفلسطين على حدود الرابع من حزيران، وهذا كما قالت يتم من خلال عقد مؤتمر دولي لا تتفرد به أمريكا الشريكة باستمرار الإحتلال، بل بمشاركة جهات متعددة دولية وعربية وإسلامية تضمن إنهاء احتلال اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967.
لن يقبل الفلسطينيون الآن وقف قرار الضم فقط وإعادة السفارة الأمريكية من القدس إلى تل أبيب وإعلان أمريكا تمسُكَها بحل الدولتين لعودة الأمور لما كانت عليه كما تحلم إسرائيل وغيرها، بل مفاوضات متعددة بضمانات دولية تبدأ من حيث انتهت المفاوضات الثنائية مع إسرائيل وبإعادة إسرائيل وأمريكا الواقع كما كان عليه قبل العام 2000.
الفلسطينون اكتشفوا، ولو متأخراً، خداع إسرائيل وأمريكا منذ بدءِ المفاوضات عام 1993 والتي غيرت الواقع في القدس وتستمر في الإستيطان وإبتلاع الارض ثم تضع الحواجز في العام 2000، لكي تجعلنا نفاوض على فتح الحاجز سنوات وننسى الحل الشامل.
بعدها دخلنا بمرحلة وقف الاستيطان وبعدها الدولة الفلسطينية وحدودها. ثم منحت أمريكا بكل وقاحة القدس لإسرائيل كاملة بعد نقل سفارتها إليها، أما الآن نأتي لقرار الضم لننسى حتى الحواجز والاستيطان والدولة والقدس ونبدأ التفاوض حول قرار الضم.
إسرائيل أنهت جميع الإتفاقيات وتتصرف كأنها الحاكم العسكري وصاحبة السيادة في كل المناطق الفلسطينية فقد تدخلت حتى في البنوك داخل مناطق A، لتمنعها من صرف رواتب الاسرى، لتجعل من سلطة منظمة التحرير كسلطة البلديات و تصبح وِفق خُطتها فقط حكما ذاتيا تدار من خلال ما يسمى بـ "المنسق".
ماذا يطلب الفلسطينون الآن؟ ما يريده الفلسطينيون هو بإختصار إعلان العالم اعترافه بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران وأولهم إسرائيل وأمريكا، وإزالة كل العقبات التي غيرت الواقع بعد العام 2000 ودون ذلك لن يعودوا للتعامل مع مراوغة أمريكا وإسرائيل من جديد.
وعن السؤال ماذا سيفعل الفلسطينيون بعد ذلك، فالإجابة للشعب والأمة العربية وأحرار العالم، فكل الخيارات وكل الاحتمالات مفتوحة ووِفق القانون الدولي.