عِشنا حقبة سوداء خلال الستة سنوات الماضية وخاصة نحن النقابيون والحراكيون، حيث لم نكن نقف لنطالب بشيء حتى تخرج لنا أبواق من الحكومة السابقة تقول هذه أجندات خارجية أو أجندات حزبية أو أجندات لأشخاص وتسميهم بالإسم، وكم كان ذلك سهلاً عليها لإقناع القيادة بها، لتأخذ الضوء الأخضر لقمعهم حتى إنهائهم.
أقول ذلك للمقارنة الحقيقية بين الأمس واليوم وكيفية تعامل الحكومة مع من إحتجوا على تمديد الإغلاقات بسبب كورونا من الخليل حتى جنين، فقد قطع رئيس الوزراء إجازة العيد وإستجاب لمطالب الشعب بإعلان فتح شامل لكل المصالح التجارية وحتى الكنائس والمساجد وطبعاً بإجراءات حماية للمواطن من إنتشار الفايروس، ومباشرة توقف الحراك في الشارع وهذا دليل أن ثقة الحكومة الحالية في شعبها صحيحة و راسخة وحقيقية وكل ما كان يقال تلفيق وهراء، ولم تقول هذه الحكومة أجندات "كريات أربع" ولا أجندات حماس وحزب التحرير بل عالجت واستجابت لمطالبهم.
نتذكر أيضا حِراك المعلمين الذين خرجوا في العام 2016 حوالي 30 الف طالبوا بمطالب نقابية مطلبية وفق القانون، فقد اتهموا أنهم أجندات وطابور خامس، وفُصِل من فُصل وأحيل للتقاعد من أحيل ونُقِل من نُقل، والبعض إعتقلتهم الحكومة السابقة وإن لم تجدهم إعتقلت أقاربهم، ومارست كل أنواع القمع والتشويه، وثبت بعد تدخل الرئيس الذي وعد بالاستجابة لمطالبهم، ان إضرابهم واحتجاجاتهم كانت مطلبية وهم بعيدين كل البُعد عن الأجندات السياسية، حيث انهي الإضراب مجرد تصريح من الرئيس وإحترام مطالبهم.
نتذكر حِراك العمال لرفض قانون الضمان الإجتماعي، الذين خرجوا آلاف مؤلفة بمطلب علني و واضح إلغاء قانون الدمار الاجتماعي وِفق وصفهم، ولكن قوبل أيضاً هذا الحراك بالإعتقال والإتهامات والمطاردات للحراكيين و تشويه تاريخهم، ناهيك عن ما حدث مع نقابة الموظفين وحظرها وإعتقال النقابيين فيها.
لا داعي لذكر الصحفيين وماذا حدث معهم من إعتقال ومحاكم، لا زالت بعض تلك القضايا في المحاكم.
خُلاصة القول، الشعب الفلسطيني أثبت وخلال 72 سنة من الإحتلال وقبلها الإنتداب البريطاني ان هذا الشعب ثائر لديه قضية وطنية واحدة، تحرير فلسطين وإستقلال وطنهم وهذه أجندتهم، ودوما يتوقعوا من الحكومات تلبية مطالبهم التي وُجدت وكُلفت من أجلها.
هذه الحكومة من الشعب وللشعب، إنتقلت من أزمة لازمة منذ تكليفها ولكنها لم تحرف بوصلتها عن خدمة شعبها واراحت القيادة وأعطت الصورة الحقيقية للأجهزة الأمنية ولموظفي القطاع العام، واشتبكت فقط مع الاحتلال في كل المفاصل الوطنية وتعمل في برنامج الرئيس ومنظمة التحرير بعيداً عن كل المنافع الشخصية وتقدم النصح الواضح والصريح في اي قانون يتم التفكير بإقراره، وساهمت بفاعلية بإلغاء قوانين أعدتها الحكومة السابقة عندما احست برفض الشعب لها.