فضائح مدوية


رام الله - صدى نيوز - يُعد الجيش الأمريكي الأقوى في العالم، ولكن ذلك لا يمنع من وجود حقائق عنه، قد تبدو صادمة، تتضمن معدلًا عاليًا للاعتداءات الجنسية، في جيش يدفع 73.5مليون دولار سنويًا للمنشطات الجنسية، ويعيش جدلًا حاليًا حول مصير آلاف المتحولين جنسيًا المنضمين إليه.

الجيش الأمريكي «الأقوى في العالم»

تصدر الجيش الأمريكي العالم في المؤشر العالمي لقوة الجيوش لعام 2017، الصادر عن مؤسسة «جلوبال باور فاير»، ذلك المؤشر الذي يعتمد في تصنيفه على نحو 50 عاملًا، من بينها الميزانية العسكرية لكل بلد، ، وكمية المعدات الموجودة في الترسانة العسكرية لكل بلد وتنوعها وتوازنها، والموارد الطبيعية، والعوامل الجيوجرافية واللوجيستية والصناعة المحلية، والقوى البشرية بمعنى أن الدول التي تمتلك عدد سكان أعلى تكون مرشحة للوصول إلى تصنيف أعلى في المؤشر، وتحصل الدولة المنضمة لحلف شمال الأطلسي «ناتو» على علاوة طفيفة في التقييم نظرًا للتشارك النظري في الموارد.


الجيش الأمريكي في المؤشر العالمي لقوة الجيوش لعام 2017 (المصدر مؤسسة جلوبال باور فاير)

ومع التركيز على «كم» المعدات العسكرية وتنوعها وتوازنها، لا يأخذ المؤشر في معايير التصنيف الاختلافات التنافسية للمعدات العسكرية في الجودة والحداثة، ولا يأخذ في الاعتبار «المخزونات النووية»، كما أنه لا يأخذ في الاعتبار أيضًا القوة البحرية للدول «غير الساحلية» فلا يعاقب تلك الدول بترتيب متأخر لأنها لا تملك قوى بحرية لطبيعة موقعها الجغرافي غير الساحلي، كما لا يأخذ المؤشر في الاعتبار أيضًا القيادة السياسية أو العسكرية الحالية للبلد محل الدراسة.

معدلات «عالية» للاعتداءات الجنسية

على الرغم من سمعة الجيش الأمريكي الممتازة، إلا أنه يعاني كثيرًا من الاعتداءات الجنسية التي تقع بين أفراده، ففي مايو (أيار) الماضي، أصدر ت وزارة الدفاع البنتاجون واحدًا من أحدث تقاريرها، حول الاعتداءات الجنسية في الجيش الأمريكي لعام 2016، ووصف معدل الاعتداءات الجنسية بـ«العالي».

وبحسب تقرير البنتاجون السنوي، فإن أعضاء الخدمة العسكرية الأمريكية أبلغوا عن 6082 حالة اعتداء جنسي في عام 2016، وهو ما يمثل قفزة حادة عن عام 2012، الذي بلغ فيه عدد حالات الاعتداء الجنسي المُبلغ عنها 3604.

وبعيدًا عن حالات الاعتداء الجنسي المبلغ عنها رسميًا، تتضاعف تلك الأرقام؛ إذ يجرى كل عامين استطلاع في الجيش الأمريكي، حول الاعتداءات الجنسية، يشارك فيه أعضاء الجيش الأمريكي دون الإفصاح عن هويتهم، وبحسب ذلك المسح، فقد قال 14900 من أعضاء الخدمة العسكرية الأمريكية، أنهم تعرضوا لنوع من الاعتداء الجنسي خلال عام 2016، يتراوح ما بين الاغتصاب والتحرش الجنسي، وقد بلغ ذلك الرقم 20300 في عام 2014.

اللافت أيضًا، أن 58% من الضحايا تعرّضوا إلى أعمال انتقامية نتيجة الإبلاغ عن الاعتداء الجنسي، وهو ما يمكن أن يفسر الفجوة بين عدد الحالات المُبلّغ عنها رسميًا، وبين عدد الحالات المرصودة بناءً على إجابات، لم يُفصح أصحابها عن هويتهم، وقد يعكس أيضًا أن حالات الاعتداء الجنسية الحقيقية أكبر من تلك الأرقام المعلنة.

صور عارية للمجندات

ولا تشمل تلك الأرقام أيضًا، فضحية تبادل الصور العارية للمجندات، والتي وقعت في مارس (آذار) 2017، عندما تداول العشرات من الجنود الحاليين والسابقين، في مشاة البحرية الأمريكية «المارينز»، مئات الصور العارية لزميلاتهم الإناث، عبر مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تحمل اسم «مارينز يونيتد»، وتضم نحو 30 ألف عضو بها، أغلقها الفيسبوك لاحقًا.


وصاحب بعض الصور ، أسماء للمجندت، ومعلومات أخرى عنهن، من بينها مواقع تمركزهن، كما صاحب الصور عدد من التعليقات الجنسية البذيئة، وبدأت تلك الواقعة في سلاح البحرية الأمريكية قبل أن تطال «جميع أفرع» الجيش الأمريكي، ومثّلت تلك الواقعة «مصدر إحراج» للجيش الأمريكي،على حد تعبير الجنرال روبرت نيلر، قائد سلاح المارينز، الذي قال: إنه لا يعتقد «أن مثل هذا السلوك قد يصدر بالفعل من محاربين حقيقيين أو مقاتلي حروب».

وأجرى الجيش الأمريكي تحقيقًا مع عشرات الجنود المتهمين بالمشاركة في تلك الواقعة، وفي 11 يوليو (تموز) الماضي، صدر أول حكم ضد أحد المتورطين المُعترفين بمشاركته الصور العارية، وقد حُكم عليه بالسجن 10 أيام، وتخفيض الرتبة العسكرية ثلاث درجات، ومصادرة ثلثي أجر شهر عمل واحد».

المجندات الأمريكيات أكثر عرضة للاغتصاب من الموت في المعركة!

وللرجوع ببوصلة التاريخ إلى ما هو أقدم، فخلال السنوات الماضية، شهد الجيش الأمريكي مسلسلاً من العنف الجنسي والاعتداءات الجنسية، الذي طال النساء والرجال ولجأ الكثير من الضحايا لعدم الإبلاغ عنها.

وذكر تقرير لصحيفة «ذا ديلي بيست» يعود لعام 2011، أن المجندات في الجيش الأمريكي عرضة للاغتصاب من زملائهم أكثر من الموت في المعركة، واستدل التقرير بتسجيل وقوع 3.158 اعتداء جنسي أُبلغ عنها عام 2010، بحسب وزارة الدفاع الأمريكية التي أقرت بأن ذلك الرقم يمثل 13.6% فقط من أصل 19 ألف حالة اعتداء جنسي وقعت بالفعل في عام 2010.


وكشف واحد من أكبر استطلاعات الرأي الشاملة للجيش الأمريكي، خرج للنور في مارس (آذار) 2011، عن تعرض 19% من المجندات في الجيش الأمريكي لاعتداءات جنسية، فيما تعرض 2% من الجنود الذكور لاعتداءات جنسية، ولكن نادرًا ما يبلغ الضحايا رسميًا عن تلك الوقائع. ففي سلاح الجوية على سبيل المثال، هناك أقل من امرأة واحدة تُبلغ رسميًا من بين كل خمس ضحايا، وهناك أقل من رجل واحد يبلغ رسميًا من بين كل 15 ضحية.

وقالت أكثر من نصف الإناث اللاتي تعرضن للاغتصاب في سلاح الجو الأمريكي: إنهن مِلن لعدم الإبلاغ رسميًا «خوفًا من أن يعاملن بشكل سيئ» أو «لأنهن لا يردن أن يتسبب في مشلكة بوحداتهن» ، فيما أفاد ثلثهن بأنهن لا يثقن في عملية الإبلاغ الرسمي.

وفي عام 2012، أفاد البنتاجون، بوقوع 26 ألف حالة تواصل جنسي غير مرغوب فيه، ولفت التقرير أن عدد الضحايا الرجال في تلك الحالات تفوق على الضحايا النساء، موضحًا أن معظم الضحايا لتلك الحالات كانوا من الرجال، وتعرضوا لتلك الاعتداءات من زملائهم الرجال، وذكر تقرير يعود لمارس (آذار) لعام 2013، بأن ما لا يقل عن ربع إناث الجيش الأمريكي تعرضن لاعتداءات جنسية، وأن 80% من إناث الجيش الأمريكي تعرضن للتحرش الجنسي.


الجيش الأمريكي ينفق 73.5 مليون دولار سنويًا على المنشطات الجنسية

بالإضافة إلى تلك الأرقام الخاصة بالاعتداءات الجنسية، يبدو أن الجيش الأمريكي يولي اهتمامًا كبيرًا لتوفير المنشطات الجنسية لقواته، إذ أفاد تقرير لصحيفة نيويورك بوست الأمريكية يعود لنهاية يوليو (تموز) المنصرم، أن الجيش الأمريكي يُنفق 41.6 مليون دولار على الفياجرا لقواته.


وإن كان هذا الرقم ضخمًا، فإنه لا يتجاوز نصف النفقات التي دفعها الجيش الأمريكي للمنشطات الجنسية إجمالًا، والتي بلغت 84.2 مليون دولار، أنفقها الجيش الأمريكي خلال عام 2014، وفقًا لتقرير للبنتاجون نشرته صحيفة «ميليتاري تايمز» في مطلع 2015.

وبحسب التقرير ذاته، فإن أمريكا أنفقت منذ عام 2011، 294 مليون دولار على الفياجرا والمنشطات الجنسية المشابهة له، وهو ما يُعادل شراء أربع طائرات من طراز «F-35»، وبذلك فإن متوسط إنفاق الجيش الأمريكي على المنشطات الجنسية في المتوسط السنوي يبلغ 73.5 مليون دولار، وهو ما يُعادل شراء طائرة من طراز «F-35» سنويًا.

جدل حول انضمام المتحولين جنسيًا للجيش الأمريكي

خلال العام الماضي، وأثناء حكم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، أعلنت إدارته أن المتحولين جنسيًا يمكنهم الخدمة بشكل علني في الجيش الأمريكي، ليدفع ذلك القرار الكثير من المتحولين جنسيًا للإفصاح عن أنفسهم، وتنفيذًا لقرار أوباما، وضع وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، آش كارتر،  مدة أقصاها عام لجميع فروع الجيش للبدء في قبول مجندين من المتحولين جنسيًا، وعلى إثر تلك الخطوة انضم آلاف المتحولين جنسيًا إلى الجيش الأمريكي، وتقدر مؤسسة «راند كوربربيشن أعدادهم، بنحو 4 آلاف شخص، في حين يُقدر نشطاء عددهم بنحو 10 آلاف شخص.

ولكن هؤلاء المتحولين جنسيًا، غير مُرحب بهم في الجيش الأمريكي، بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض؛ إذ قال ترامب ذلك بوضوح في سلسلة من تدوينات كتبها نهاية الشهر الماضي، وقال فيها: «بعد استشارة الجنرالات والخبراء العسكريين، فإن الحكومة الأمريكية لن تقبل، أو تسمح بأي شكل من الأشكال بقبول المتحولين جنسيًا في الجيش الأمريكي»، وبرّر ترامب تلك الخطوة «يجب أن يركز جيشنا على النصر الحاسم ولا يمكن إثقاله بالتكاليف الطبية الباهظة والإخلال بسير العمل اللذين يتسبب فيهما المتحولون جنسيًا»

ولكن ذلك التبرير أزعج أوساطًا صحافية لفتت إلى تلك التكلفة الضحمة التي ينفقها الجيش الأمريكي على المنشطات الجنسية، وأفاد تقرير لراند بأن التكاليف الصحية للمتحولين جنسيًا تتراوح من 2.4 إلى 8.4 مليون دولار سنويًا، وهو أقل بكثير من تلك التكاليف التي يدفعها الجيش الأمريكي للمنشطات الجنسية.

وبالإضافة إلى انزعاج بعض الأوساط الصحافية والحقوقية الأمريكية من تلك الخطوة، أفاد استطلاع رأي ظهر للنور الخميس الماضي أن غالبية الأمريكيين يوافقون على قبول المتحولين جنسيًا في الجيش الأمريكي بنسبة وصلت لـ68%، في مقابل 27% رفضوا قبولهم، فيما لم تحدد النسبة الباقية التي شملها الاستطلاع موقفها من تلك القضية بعدم الإجابة أو القول بأنه لا يعرف.

ووضعت تغريدات ترامب وزارة الدفاع في حرج، ودفعتها بالقول بأنه لا تغيير تجاه سياسة المتحولين جنسيًا، حتى يصدر الرئيس الأمريكي قرارًا لوزارة الدفاع بذلك، وقد أفادت صحف أمريكية في الرابع من أغسطس (آب)، بأن تصريحات ترامب، وضعت وزارة الدفاع الأمريكية في «مستنقع قانوني وأخلاقي» بعقد اجتماعات متوالية لبحث فرض سياسة جديدة من شأنها تسريح آلاف المتحولين جنسيًا من الجيش الأمريكي.