كتب رئيس التحرير: لم يكن الإعلان عن زيارة بنامين نتنياهو للسعودية خطأ أو زلة لسان، بل هو أمر مخطط له، للإعلان عن تسارع عجلة التطبيع من جهة، وبدء بناء تحالف علني ضد إيران في الأيام الأخيرة للرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب، لتوريط إدارة بايدن التي ستستلم الحكم ظهر يوم 20 يناير 2021.
هناك من يرى أن ترمب في أيامه المتبقية يسعى لخلق مستنقع لخليفته بايدن، حتى يغرق فيه لمدة 4 سنوات، ليظهر أمام الأمريكيين بمظهر العاجز عن إدارة البلاد، لإفشال الحزب الديموقراطي في انتخابات 2024.
جولة بومبيو في الوقت البدل ضائع لترامب ليست بريئة، ولا تقتصر على إصرار الرئيس ترمب على عدم الاعتراف بفوز بايدن، بل هي بداية لتوريط الإدارة الأمريكية الجديدة بملفات شائكة، ومن بينها الملف الإيراني.
تعطي هذه الجولة مؤشراً إلى حديث كبير يجري الإعداد له، ويرجح أن يكون لإعداد ضربة خاطفة لمواقع نووية إيرانية، وزيارة نتنياهو تأتي بهذا السياق سواء لتحديد الأهداف أو تحديد نقاط الهجوم والتي تنحصر بضربة من خلال إسرائيل بطائرات قد تحتاج للدخول عبر الاراضي والأجواء السعودية أو ان تقوم أمريكا بضربة لإيران من الأراضي السعودية ووضع القوات الأمريكية والسعودية بحالة جهوزية لمواجهة الرد الإيراني.
زيارة نتنياهو تأتي في سياق آخر وهي الاستمرار في تطبيق صفقة القرن وتنفيذ اتفاقيات "ابراهام" لاستكمال التطبيع مع الدول الخمس التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي ترمب وتشجيع تلك الدول على ذلك بعد استقبال السعودية لرئيس الوزراء الاسرائيلي.
الطرف الإيراني يستعد لمواجهة هذه الاحتمالات بحيث لم يكن إطلاق صاروخ قدس 2 الذي استهدف مواقع أرامكو في جدة في موعد زيارة نتنياهو من الأراضي اليمنية عبثيا، بل رسالة واضحة أن المحور الإيراني لا يقتصر في ردوده على الجبهة الإيرانية التي تستطيع ضرب كل دول الخليج وإسرائيل بل من اليمن ولبنان عبر حزب الله وحتى من الأراضي السورية، بل إن الناطق باسم القوات اليمنية صرح بشكل لا لُبس فيه ان هذا الصاروخ يتم تطوره لاستهداف إيلات في فلسطين المحتلة.
فصائل المقاومة الفلسطينية التي اعتبرت الزيارة خيانة للأمة الإسلامية وتدنيساً للأراضي المقدسة السعودية تعطي مؤشرا آخر على استعدادها إشعال نقاط اشتباك مع الاحتلال الاسرائيلي في حال تم استهداف إيران وفتح معركة سعودية اسرائيلية أمريكية ضد إيران.
زيارة نتنياهو للسعودية استمرار للهجوم باتجاه تشكيل محور عربي اسرائيلي أمريكي لمواجهة إيران، وشطب القضية الفلسطينية وعزلها عن محيطها الإقليمي، وتشجيع دول عربية نحو الإسراع بالتطبيع مع إسرائيل وعزل دول عربية تقف بشكل مبدئي ضد التطبيع ومنها الجزائر والتي بدأت دولة الامارات بضغوطات عليها لتغيير مواقفها تجاه الاحتلال الاسرائيلي.
العديد من المحللين ذهبوا باتجاه ان الرئيس ترمب غير قادر على اعلان حالة حرب ضد اي جهة الا بقرار من الكونغرس والمؤسسات الأمنية والبنتاغون الآن. شخصية ترمب توحي انه ينفذ قناعاته بكل السبل حيث أقال وزير الدفاع و عدداً من المسؤولين الذين يعارضونه وكذلك حرّك حاملة الطائرة بعيدة عن مرمى الصواريخ الإيرانية باتجاه عُمان، وكلف وزير الخارجية بجولة لمعظم الدول ذات العلاقة وختمها بزيارة نتنياهو للسعودية، وفي حال لم يتمكن هو من فعل ذلك سوف يلجأ لنتنياهو ليفعلها بحيث تشتعل الجبهة مع إيران لكي يكون بايدن ملزم بالاستمرار بهذه الحرب، سننتظر والشهرين المتبقيين للرئيس ترمب حُبلى بمفاجآت وعلى الأطراف المستهدفة إيران وفلسطين ان لا تستهين بهذه التحركات وبشكل خاص إيران ولا نستغرب ان يكون هناك ضوءاً أخضر لنتنياهو بضرب قطاع غزة وفتح وإشعال المعركة مع الصين.
بالمجمل، كل التحركات التي تخوضها إدارة ترمب في أيامها الأخيرة لا تسعى لتحقيق مصالح عربية أو حتى إسرائيلية، بل هي دعاية للحزب الجمهوري لانتخابات عام 2024، فهل سيحرق ترامب المنطقة قبل مغادرته رسمياً من البيت الأبيض؟ وهل سيستطيع بايدن إطفاء نار ترمب؟