كتب رئيس التحرير: قبل 15 عاماً كانت آخر انتخابات فلسطينية، تشريعية ورئاسية، كان عمر العديدين 17 عاماً فلم يستطيعوا الانتخاب، واليوم أعمارهم 32 عاماً، أي أن عشرات آلاف الفلسطينيين سينتخبون لأول مرة في حياتهم في سن الثلاثينيات! لكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي.
15 عاماً على إغلاق صناديق الاقتراع التي لم تُفتح على مر هذه السنوات، رغم محاولات كسر قفلها، فيما البشائر بدأت تلوح بعد قرار الرئيس عباس تحديد تواريخ الانتخابات التشريعية والرئاسية في أيار وتموز على التوالي، لتتجدد شرعية نظام سياسي بالكامل، ولنخرج من العقم القانوني والتشريعي الذي عاشته فلسطين على مر عقد ونصف.
إصدار المرسوم الرئاسي بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني لاقى ارتياحا شعبياً حذراً وتخوفات تتعلق بجدية الأطراف المختلفة في ادخال دماء جديدة قادرة على التغيير و مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية الخطيرة ومعالجة ما علق من شوائب في ظل غياب وجود مجلس تشريعي فاعل، وشبه موت سريري للمجلس الوطني وتلاشي دور منظمة التحرير الفلسطينية وهيئاتها، وتحكم مطلق للسلطة التنفيذية في حياة الشعب الفلسطيني وتم تعزيز ذلك في إصدار مراسيم بقوانين طالت استقلال القضاء.
الشارع يخشى من استغلال الفصائل للانتخابات لتجديد شرعية الموجودين سواء في الضفة او غزة وسيطرة نفس الأشخاص على الحياة السياسية والاقتصادية لسنوات اخرى، وخاصة طرح قانون جديد بخصوص الانتخابات وجعلها قوائم لفصائل او حتى قائمة مشتركة لفتح وحماس يتم تحديدهم من قبل القائمين على تلك الفصائل، والغاء خيار اختيار اشخاص بشكل مباشر من دوائرهم، والمرجح ان يتم اختيار القوائم بلا معايير لانتاج نفس (الكورس).
الملاحظ سيكون اما عزوف الشارع ككل عن المشاركة في الاقتراع باعتبار النتائج محددة مسبقاً وفق معادلة تحديد القوائم لأكبر فصيلين اللذين سيتم اختيارهم وفق معايير تتعلق بأجندات المتنفذين وخدمة مصالحهم، او يتجه الشارع لتشكيل قوائم مستقلة وفق معايير وملاحظات الشارع وانتقاداته خلال السنوات القادمة.
الشارع محبط من تمسك قيادات تجاوزت الستين والسبعين والثمانين عاما بمواقع عدة منذ عشرات السنوات فتجد بعضهم عضو تنفيذية ووزيراً وعضو مركزية وسفيراً وأميناً عاماً لحزب ورئيس جامعة ومدير جمعية ورئيس اتحاد وعضو مجلس وطني ومركزي وسوف يتم إدراج اسمه كمرشح في قوائم التشريعي ! ولا يتركوا اي مجال لقيادات شابة او بديلة لهم.
الانتخابات أصبحت ضرورة مُلحة فلسطينياً وعربياً ودولياً ولكن ليس فقط لتجديد الشرعية بل لتوسيع نطاق المشاركة لكل الشرائح والقيادات وضخ دماء جديدة وقيادات واعدة يختارها الشعب بتجرد، قيادات تتبنى وتنفذ مطالب شعبهم وتلبي حاجاتهم.
لكن لا يزال الشارع الفلسطيني متخوفاً من احتمالية فشل المشروع الجديد، رغم اصدار المراسيم، إلا أن هناك من يشكك بنجاح الانتخابات، وتراجع الطرفين الرئيسيين عنها (فتح وحماس)، بحجج واشكالات سواء بين المتحاورين او من اطراف اخرى تعيق ذلك مثل الاحتلال الاسرائيلي كأن يمنع اجراء الانتخابات في القدس وهكذا.
اتجاهات المواطن تذهب بعيداً عن الفصائل التي هرمت وفشلت وبالتالي المتوقع ان تشهد بعض الفصائل انشقاقات وتشكيل قوائم ترضي الشارع وتستوعب من تم تهميشهم في حال جرت الانتخابات.
تخوفات كبيرة من مدى احترام نتائج الانتخابات في حال حصلت من حيث تسليم غزة للفائزين من غير حماس او تسليم الضفة لحماس او غيرها وغير هذا وذاك: هل سيحترم الطرفان عمل المجلس التشريعي والالتزام بما يصدر عنه وليس تهميشه كما حصل مع المجلس السابق؟
الانتخابات خيار الشعب كله وينتظرها بشغف وجاهز للمشاركة الفاعلة بها، لكنه يحتاج لضمانات أن تكون ديمقراطية نزيهة تضمن افراز خيارات الشعب، ولدى الشارع أيضاً أمل بإدخال دماء جديدة موثوق بها تستطيع جعل السيادة للشعب وعودة استقلال المؤسسة التشريعية والقضاء عن السلطة التنفيذية واطلاق الحريات، وأن تكون البلد لكل البلد!
الانتخابات فرصة أخيرة، وفشلها يعني انفجاراً لا تُعرف قوته في الشارع.