كتب رئيس التحرير: شهران تقريباً وتُفتح صناديق الاقتراع، بعد حوالي 15 سنة من الصمت الديموقراطي، أو الخرَس الديموقراطي، حيث لم يختَر الفلسطينيون ممثليهم منذ آخر انتخابات عام 2006.
كل هذه السنوات "العجاف" جعلت الفلسطينيين يتحرَّقون لاختيار ممثلين جدد يعبرون حقاً عن طموحاتهم وآمالهم، من حيث الرقابة على الحكومة والسلطة التنفيذية التي تغولت كثيراً على باقي السلطات، يريد الشعب فعلاً أن يضع حداً لكل سلطة، بعد سنوات طويلة من الخلط بينها والتعدي عليها.
ظلت فلسطين عرجاء على طول هذه السنوات، عاشت لسنوات دون سلطة تشريعية! ما فتح المجال للسلطة التنفيذية أن تفعل ما تريد، لا رقابة على الحكومة، لا رقابة على موازنة الدولة، لا رقابة على قرارات الترقية والتشريعات التي ظلت تصدر بقوانين!
بعد كل هذا الفشل الديموقراطي الذي عاشته فلسطين، يطمح الشعب أن يعيدوا ترتيب ما أحدثته سنوات الانقسام، فيعيدوا لكل سلطة قوتها، ويُفصل بشكل حازم بينها، حيث لا تتعدى إحداها على الأخرى، وتظل كل واحدة منها تسير في خطها المرسوم لها لنبني دولة مؤسسات.
يريد الفلسطينيون من المجلس التشريعي الجديد أن يراجع كماً كبيراً من القوانين التي صدرت دون رقابة ولا تدقيق من قبله، يريد الشعب أن يعود المجلس التشريعي ليراقب عمل الحكومة، ويفرمل "تهورها" في بعض المحاور.
لا مجال لشرح مهام المجلس التشريعي كلها، لكن الأهم الآن هو من سيمثل الشعب تحت قبة البرلمان، ما الصفات التي يجب أن تكون في ممثلي الشعب الذين سيحملون عبء كل هذه السنوات، ليصلحوا ويعمروا وينظفوا الواقع الموحل؟
هل يُدرك من سيترشح للتشريعي أن المهمة صعبة؟ وأن القضية أكبر من سيارة وراتب وحصانة!
الأسماء المتداولة حالياً لمن سيترشحون للتشريعي محبطة، كثيرون دون مؤهلات علمية، كثيرون لا خبرات في سيرتهم الذاتية سوى "التسحيج" للسلطة التنفيذية، هل يعقل أن يصيغ القوانين نائب يحمل رابع ابتدائي؟ فهل غير المؤهلين قادرين على بناء دولة؟
نريد نائباً يحمل هموم المواطنين ويساهم في إعداد نظام تعليمي يُخرِج عُلماء ويرى المشافي ومراكز الصحة والعيادات ويساهم في نظام صحي عصري ونظام تأمين صحي يوفر خدمة العلاج الشامل والكامل لكل أفراد الشعب بالتساوي وبنفس المستوى الفقير والغني والمواطن والمسؤول ونريد نائباً في الشارع يقف مع الفقير ويساعده ويسمع صوت المظلوم وينهي مظلمته يدعم المزارع ويحمي التاجر ويمنعه من استغلال شعبه ويصون الأسرى وعائلات الشهداء ويوفر علاج للجرحى، نريد نائباً يمثل صوت الشباب المقهور الذي فقد الأمل بالوظيفة والزواج وبناء البيت ويبحث عن فيزا للهجرة، نريد نائباً يحمي المرأة ويحقق لها المساواة الكاملة مع الرجل ويبني مجتمعاً لا يرى شرفه وغسل عاره بقتل امرأة بل يحميها بقوانين وثقافة متحضرة.
قانون الانتخابات والقوائم سيجعلنا نقبل بل ونختار رغما عنا أسماء لا مؤهل لها بل وأحيانا أشخاص فاسدون لا علاقة لهم بالشعب، فكيف تقبل الجهات المسؤولة عن الديمقراطية والحريات سواء أحزاب أو أفراد أو قضاء أو لجنة الانتخابات أو مؤسسات المجتمع المدني أن يتم السماح لفصائل أو قوائم لتقديم أسماء للترشيح دون أن يكون قد تم اختياره من حزبه ديمقراطيا؟
أعضاء المجلس التشريعي المطلوبين يجب أن يكون فيهم قانونيون يشكلون لجنة قانونية مرشدة للمجلس في صياغة القوانين وتعديلها ومعالجة الخلل الكبير في السلطة القضائية وكذلك اقتصاديون يوجهون برامج الحكومة نحو المشاريع المنتجة والتي تعزز الدخل القومي لفلسطين وتساهم في معالجة الفقر والبطالة وسياسيون متمرسون للتواصل مع أحزاب وقوى وبرلمانات العالم للدفاع عن قضيتنا العادلة ومنع فرصة التصويت الشعبي في أي حلول مصيرية.
مطلوب أشخاص مؤهلون لملء شاغر الرئيس في حال غيابه لأي سبب كان ومطلوب أن يكون من بينهم مؤهلون لإشغال حقائب وزارية في حال شكلت القوائم الحكومة، مطلوب نقابيين يتفهمون احتياجات الشرائح المختلفة من معلمين ومهندسين وأطباء وموظفين وعمال وحرفيين ومرأة، مطلوب أعضاء يغطون المساحة الجغرافية لكل فلسطين من خلالها تكون لديهم قدرة في تحسس مشاكل المجتمع وكذلك تغطية الجانب الديني والأقليات والمهمشين.
نريد نواباً للشعب وليس للأحزاب بحيث يفهم كل مرشح من حزب أنه وبعد فوزه يصبح ممثلاً لكل الشعب وليس لحزب معين بحيث يكون قادراً على مواجهة حكومة شَكلها حزبه في حال حادت عن خدمة حقوق الشعب وتجاوزت القانون والدستور.
نريد أعضاء للتشريعي اطلعوا على حوالي 300 قانون تم اقرارها في ظل غياب المجلس التشريعي منذ العام 2007 ولغاية الآن بحاجة لتعديل أو إلغاء او إقرار وفق معايير تنسجم والحفاظ على حق المواطن و الالتزام بالقانون الأساسي.
الشعب تواق لأعضاء مجلس تشريعي يعيدون الحريات والديمقراطية التي انتهكت سواء الحريات الفردية أو نشاط الاتحادات والنقابات و تفعيل السلطة الرابعة "الإعلام والصحافة".
هذا كله أصبح الآن بيد الشعب فهو الذي يختار ويقرر عبر صندوق الانتخابات مستقبله وممثليه الذين يحققون كل ما ذكرناه بعيداً عن التعصب الحزبي والقبلي والجهوي، فنحن بحاجة لاختيار الرجل المناسب لهذه المهمة الشاقة بحيث لا يقبل أي عضو تشريعي أو قائمة باستمرار تقاضي رواتب من خزينة الدولة كما حصل لأعضاء التشريعي السابقين دون تنفيذ برامجهم ووعودهم التي هي الأساس في تقييمهم وحصولهم على الرواتب والتسهيلات والحصانة مقابل ذلك.