السيناريو :
المشهد الأول  : 
خطة فك الارتباط أحادي الجانب هو الاسم الذي اختارته الحكومة الإسرائيلية لخطة قامت بتنفيذها بصيف عام 2005 وبحسبها قامت بإخلاء المستوطنات الإسرائيلية ومعسكرات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة و4 مستوطنات أخرى متفرقة في شمال الضفة الغربية.وانتشار قوات الجيش الإسرائيلية على الشريط الحدودي مع قطاع غزة وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون المبادر وقائد هذه الخطة. وكان يسكن في قطاع غزه عند القيام بالخطة 8.600 مستوطن إسرائيلي.
المشهد الثاني :
نوفمبر 1995 ، إغتيال إسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي على يد متطرف إسرائيلي ، و بداية حالة فوضى إجتماعية و سياسية  في المجتمع الإسرائيلي ، رافقتها عدة عمليات عنيفة كان معظمها  من العمليات المسماه بالإنتحارية أو الإستشهادية بتعريفنا ، وكان لمعظمها توقيت يسبق أي تقدم في عملية التفاوض ، أو إنسحاب إسرائيلي من منطقة فلسطينية  تمهيداً لزيادة الولاية الأمنية ، و الإدارية الفلسطينية عليها ، وكانت المعارضة الفلسطينية لأوسلوا تزداد قوتها ، بين التيارات المتدينة و العلمانية و اليسارية على حد سواء ، وترى أن ما تقوم به السلطة الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ، و برئاسة ياسر عرفات ، هي إستسلام و إنبطاح ، بل ووصلت الإتهامات إلى حد التخوين و التفريط و التعاون مع العدو ..
المشهد الثالث : 
 وفي وسط كل هذه التاقضات ، و هذا الإرث من الفوضى ، أدى شيمون بيريز اليمين الدستورية رئيسا للحكومة بعد اغتيال رابين وبدلا من الدعوة لانتخابات مبكرة قرر استمرار الحكومة لانهاء فترتها وبعد ذلك توالت سلسلة من الأخطاء ، و التسويف و عدم القدرة على إتخاذ أي قرارات قوية و حاسمة ، فغزة التي بدأ منها شارون خطته ( طويلة الأمد ) باتت مصدراً للإزعاج ، و بيئة خصبة لترعرع و تضخم الأجنحة المسلحة للتيارات و التنظيمات الفلسطينية المعارضة وعلى راسها حماس ، و العمليات المسلحة و الإضرابات تدك المجتمع الإسرائيلي الذي بات يشعر بفقدان الأمان و الأمل في أي إستقرار ، و يزداد بالتالي ميلاً نحو القبضة الحديدية التي يمثلها اليمين الإسرائيلي ، وفي ليلة الانتخابات التالية عام 1996 ذهب الإسرائيليون إلى أسرتهم وهم يعتقدون أن بيريز سيفوز بفارق ضئيل على منافسه نتنياهو، ولكن النتيجة جاءت بتمكين نتنياهو , بالتالي اليمين المتطرف من الحكم ولو بصعوبة .
المشهد الرابع  Feed Back   : 
خلال السنوات الخمس السابقة كان أرئيل شارون ، و اليمين المتطرف ، يقوم بدور المعارضة ، بينما اليسار يحكم إسرائيل ، وكانت  المفاوضات مع الفلسطينيين  قد اقتربت من التوصل إلى نتائج ( نوعاً ما ) مرضية ، فقد بدأ التطرق إلى مواضيع القدس ، و السيادة ، و مبادلة الأراضي ، و المياه ، و الأسرى و عودة وتعويض  اللاجئين و الحديث كان يدور حول أعمار و كم اللاجئين الذين سيسمح لهم بالعودة إلى ممتلكاتهم في فلسطين التاريخية قبل عام 1948 ، وكم يمكن وفق ما تم التوصل إليه من تصور ،  أن يصطحب العائدون الفلسطينيون عدداً  من ذريتهم من الأجيال اللاحقة ، بل و بوضع صيغة إعتراف إسرائيلي و إعتذار عن تهجير الفلسطينيين عام 48 و الإختلاف  كان يدور حول  تعبيرات مثل : تهجير أو هجرة ، أو مثل :  تعتذر إسرائيل عما فعلت أو تأسف إسرائيل  لما حدث.. بالعودة إلى عام 2000 ، و إكمالاً لخطته التي بدأها قبل خمس سنوات ، بالإنسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة ، فقد أقتحم اليميني المتطرف أرييل شارون  المسجد الأقصى برفقة الحراس الشخصيين ، وعدد من المتطرفين المتدينين ، و بحراسة أمنية مشددة ، في عملية وصفت بأنها ( مقامرة سياسية ، أو مغامرة إنتحارية ) ، فشارون يعرف أهمية القدس الشريف و الأقصى المبارك  ليس فقط بالنسبة للفلسطينيين ، بل و للعرب و المسلمين و المسيحيين ، و يعرف تماماً أن العاطفة الدينية و الوطنية لديهم سيتم إستفزازها ، و أن شغباً وعنفاً و مواجهات سيحدث ، و أن إسرائيليين سيتأذون و يصابون و يقتلون ، و أن فلسطينيين سيتأذون و يصابون و يقتلون ( وهو آخر ما يهمه ) ولكنه يعرف أنه بهذا سيخلق عقبة كأداء أمام معسكر اليسار الإسرائيلي ( المنبطح و الخائن كما كان يدعي هو و اليمين الإسرائيلي ) وأدى الاستفزاز إلى اندلاع الانتفاضة الثانية التي استمرت حتى عام 2005. 
وكان شارون زعيم حزب الليكود المعارض في ذلك الوقت. كما أشعل القتال الذي اندلع بعد زيارته نيران الشعبوية والقومية في المجتمع الإسرائيلي ، و الفلسطيني أيضاً ، وبعد أقل من عام ، في مارس 2001 ، انهارت حكومة حزب العمل بزعامة إيهود باراك وأصبح شارون رئيسًا للوزراء.
في 29 مارس  آذار، من عام 2001، حاصرت القوت الإسرائيلية الرئيس الفلسطيني ، ياسر عرفات، في المقاطعة في رام الله، بأمر مباشر من أرئيل شارون.
و تحججت دولة الكيان الصهيوني حينها بأن حصار الرئيس الفلسطيني جاء كنتيجة مباشرة للانتفاضة الفلسطينية الثانية، في عام 2000، ولعملية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي، رحبعام زئيفي على يد مقاومين من الجبهة الشعبية الفلسطينينة.
إضافةً إلى العملية التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، في 27 آذار 2001، في غرفة الطعام في فندق بارك، وأفضت إلى مقتل 30 إسرائيليًا.
وبعد استيلاء إسرائيل على سفينة “كارن ايه”، واتهام عرفات بأن السفينة المحملة بحوالي 50 طنًا من الأسلحة كانت متجهة إليه بشكل مباشر، وذلك بعد حديث أحد أفراد طاقم السفينة عن وجهتها في أثناء تنصت عملاء استخبارات أمريكية على أجهزة الاتصال اللاسلكية، بحسب الرواية الإسرائيلية ، و بهذا يشكل عرفات  والحركة الوكنية الفلسطينية التي يقودها – فتح - عقبة حقيقية أمام خطة شارون التي بدأ في طبخها منذ خمس سنوات .. فكان لابد من التخلص منه . 
المشهد الخامس : 
قراءة و مراجعة  أحداث أيار / مايو  2021 في الكيان المحتل  وفلسطين يعطي مشاهد  مكررة و مقلقة  لما حدث في عام 2000.
حيث لم تكن نتائج انتخابات مارس آذار 2021 في إسرائيل ، وهي الانتخابات الرابعة خلال عامين ، حاسمة. بنيامين نتنياهو (الليكود) فشل في حشد الأغلبية في الوقت المخصص له لتشكيل الحكومة. بعد وقت قصير من إعطاء رئيس الكيان الفرصة لزعيم المعارضة يائير لابيد من حزب يش عتيد ( هناك مستقبل )، وعلى مذهب معلمه ، المتطرف اللئيم  شارون ، القاضي بفض المشكل بمشكل أكبر منه ، و خلق حالة فوضى ،  أرسل نتنياهو الشرطة الإسرائيلية ، و الأمن لحماية المستوطنين و المتطرفين اليهود الصهاينه  ، لاقتحام المسجد الأقصى في القدس خلال صلاة ليلة القدر في 8 مايو ، وإصابة 330 فلسطينيًا.
و حرك ملف الشيخ جراح ، وشجع المستوطنين المتطرفين على القايم بأعمال بلطجة في الشيخ جراح في القدس الشريف ، و إحتلال منازل الفلسطينيين و طردهم و ضربهم و إعتقال المعترضين منهم .. مما أجج العاطفة الدينية و الوطنية للفلسطينيين ، بل و للعرب و المسلمين و المسيحين في كل مكان .. و تماما مثل شارون ، كان نتنياهو يعرف أن هذا سيؤدي إلى إشعال العنف ، و تأذي و إصابة و قتل إسرائيليين ، و فلسطينيين ( وهو آخر ما يهمه ) .. ولكنه في سبيل الفوز ، أقدم على هذا العمل ، وفي 10 مايو ، وبعد أن اقدمت السطلة الفلسطينية بتأجيل الإنتخابات في فلسطين بسبب منع إسرائيل إجرائها في القدس الشرقية ، أطلقت مجموعات فلسطينية في قطاع غزة المحاصر (حماس والجهاد الإسلامي) صواريخها  ، إستجابة لنداء أهل القدس ، ورداً على انتهاك المسجد الأقصى المبارك و الشيخ جراح ، و انتشرت المذابح في القدس ، حيث ذهب الغوغاء المستوطنون و المتطرفون الصهاينة الغاضبون للبحث عن الفلسطينيين لضربهم أو قتلهم ، إلى مدن أخرى. في اللد وفي ما يسمى بـ "المدن المختلطة" الأخرى ، نظم المواطنون الفلسطينيون في الكيان المحتل  مجموعاتهم الخاصة ، وقتل يهودي صهيوني واحد. بدأ سلاح الجو الصهيوني حملة قصف عنيف على قطاع غزة ، بعد 11 يومًا من بدء القتال ، قُتل 232 فلسطينيًا (من بينهم 65 طفلاً) و 12 إسرائيليًا.
حماس تحتفل بإنتصار مجلجل ، و شعبية عارمة .. 
نتنياهو  قدم خدمة كبرى للمتطرفين و المستوطنين الصهاينة . 
الحركة الوطنية الفلسطينية ( السلطة و فتح ) في حالة إنكماش و فقدان تأييد جماهيري .
والحركة الوطنية الفلسطينية ، التي تقود السلطة الفلسطينية ، وقائدها – محمود عباس . تشكل عقبة أمام ألخطة التي بدأت عام 2005 .. 
اليسار و التقدميين في الكيان في حالة إنكماش و فقدان تأييد جماهيري . 
اليمين في إسرائيل يرى الحل في إقامة دولة يهودية ، و إعطاء حكم إداري بلدياتي بإشراف ( إدارة مدنية و أمنية صهيونية ) للفلسطينيين في الضفة ، وسيادة إسرائيلية يهويدية كاملة على القدس و الأغوار مع السماح بفتحها لكافة الأديان و تطبيق نموذج الحرم الإبراهيمي في الخليل على المسجد الأقصى ، و التخلي تماماً عن قطاع غزة (  حدث بالفعل في فك الإرتباط منذ 1995 ) . يمكن أن يسميها الغزيون :  دولة ، إمارة ، مملكة أو أي شئ ، ويؤمن الكيان الصهيوني نفسه من خلال الإحتفاط بعلاقات قوية مع كافة الداعمين لقطاع غزة  من العرب و غيرهم ، فهم قد  وقعوا إتفاقات سلام أو تطبيع مع الكيان . 
في إنتظار الإنتخابات في فلسطين ، و في الكيان الصهيوني .. لنرى المشهد الأخير من هذا السيناريو ..