الحكومة التي لا يتسع صدرها للنقد الموضوعي تقع في الخطأ ... والتي لا تتيح للجنة التحقيق في مقتل نزار بنات الإعلان ولو رؤوس أقلام للرأي العام لا تحسن صنعا ...
حركة فتح التي تستمر بالاندفاع صوب المقاومة الشعبية وبوصلتها القدس والشيخ جراح وبيتا وبيت دجن كما تعلن وتؤكد ينقصها التغليف الجيد لموقفها بحيث يكون جوهره التأكيد على حرية الرأي والتعبير، لنجتمع على ما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه، إنها حركة الجماهير وليست ناديا للنخبة بالتالي هي اقدر على احتضان الجماهير والتعبير عنها وعن همها ومستقبلها وحلمها الذي تعلقت بـ»فتح» من أجله، إنها ليست بالمطلق شماعة للسلطة الوطنية الفلسطينية لتعليق كل أخطائها عليها.
بقية التشكيلات في فلسطين ليست معفاة من المسؤولية سواء فصائل أو مستقيلون من فصائلهم أو أصحاب مجموعات وتشكيلات، بل هم مسؤولون ولا يجوز أن يظل موقفهم فقط ردة فعل بل يجب أن يشكلوا صمام أمان على اعتبار انهم تشكيل حاضر بقوة.
لن يكون بالإمكان لأي كان إغفال موقف حركة حماس ومن خلفهم الإخوان المسلمون وإعلامهم عن استغلال الوضع القائم لتسجيل نقطة ونقاط في مرمى السلطة الوطنية الفلسطينية وهم بالأساس يريدون تسجيلها في مرمى «فتح».
لم يعد مفيدا أن يكون هناك أعلام فلسطيني غير قادر على إيصال رسالة واضحة جلية قريبة من نبض الرأي العام الفلسطيني، هل بإمكاني ان اذهب صوب قناة لم تأت على ذكر نزار بنات مثلا ولا موقف جهات موثوقة مهنية في قضايا حرية الرأي وسبل التحقيق في قضايا تمس حقوق الإنسان.
طبيعي في خضم هذا الوضع أن تظهر مظاهر (الملاطشة) من عيار: أين مؤسسات المجتمع المدني وكأن جمعية خيرية تصبح في نظر البعض قلعة مانعة في وجه مشهد الجنون على الأرض وكأن صوتها مسموع لو قالت ما ستقول، وكأن ناديا شبابيا في هذه القرية او تلك المدينة قادر على حسم الأمر، وكأن المرأة التي تهتف بمنع أشكال العنف ضدها مؤهلة ان تسمع صوتا حاسما في ضوء هذا المشهد.
ويغفل الجميع صوت العقلاء والصادقين سواء متظاهر على المنارة يكتب (آن الأوان أن نوجه بوصلتنا في اتجاهها الحقيقي رافضا مقتل نزار بنات) أو شخصية وازنة (تقدم مشروعا متكاملا لإعادة اللحمة) أو خطيب مسجد متنور يقول، (الواقع الذي نعيشه، اليوم، فرصة متاحة للمنافقين والمطبعين للانقضاض على القضية المركزية القدس واستمرار والمقاومة)، وهذا الإغفال ناتج عن التشنج والتعصب والذهاب الى أبعد الحدود ظنا من البعض أن تلك هي الفرصة الأخيرة لتحقيق هدف دفين بالاستيلاء على سلطة دون سلطة، على سلطة مقيدة بمليون جنزير.
أنا بوضوح، لا اعلق على شماعة أن هناك من سيستغل الوضع القائم لأهداف مختلفة، ولكنني استغرب أن يقع البعض في الخطأ ولا يقر ولا يحاسب بسرعة ويعالج وهذا مربط الفرس في كل المسألة وهذا الذي شكل شماعة يعلق عليها وآخرها إعلان لجنة التحقيق الحكومية دون إعلان، حتى أن الجيران عن بلكونة بيوتهم قالوا، (جار هل استخلصت شيئا من إعلان وزير العدل؟) (جار هل لك من تعليق كأكاديمي حقوقي؟) وما زالوا بانتظار التوضيح!!!!
في خضم هذا المشهد الضبابي الذي تتبادل فيه الاتهامات وتصطنع فيه الشتائم من العيار الثقيل للاستفزاز والمس بالكرامة وتكون ردة الفعل غير مقبولة، و»ما حد يمارس (الفهلوة)» لقد خرجنا بمسيرات احتجاجية كثيرة وشهدنا بأم أعيننا الأشخاص الذين يتمرجلون على رجال الأمن بصورة مبالغ فيها تماما، وقبل أن يعلق بعضهم فأنا لا أبرر ولا أقبل ضرب أي فلسطيني بصرف النظر عن رأيه، ولكننا بحاجة بعد انقشاع ملامح المشهد أن نضع خطا فاصلا بين المطالبة والاحتجاج وبين الفوضى.
لن نستطيع إعادة إحياء ياسر عرفات، وحيدر عبد الشافي، وعبد العزيز الرنتيسي، وفيصل الحسيني، وأبو جهاد، وإبراهيم أبو لغد، ولكنهم تركوا لنا إرثا لو استعنا به ما اختلفنا ولا تهنا، دعوكم من البحث في التراث اذهبوا صوب الوعي والعقل والحوار وقبول الآخر، كفى، (غلط غلط غلط).