كتب رئيس التحرير: يمتلئ الشارع الفلسطيني منذ أيام بعبارات واتهامات التخوين و"الحرمان من الوطنية" وتجريد البعض بعضهم الآخر من "حق المواطنة" وفي أحيان أخرى "حق الحياة"، في مشهد كان لينذر بحرب أهلية لولا التماسك الاجتماعي القوي إلى حد ما للشعب الفلسطيني، فما يحدث هي بذرة لتفسخ مجتمعي وحرب قد تأكل الأخضر واليابس.
ما حصل مع نزار بنات ووفاته بعد اعتقاله يحتاج الى لجنة تحقيق محايدة ومحاكمة عادلة لمن تسبب بذلك سواء بدون قصد او بقصد وهذا التجاوز يجب ان يوضع في اطار ان دورية تجاوزت حتى يثبت العكس ولا يجوز تخوين اجهزة كاملة منها من شارك في الاعتقال ومنها لا علاقة له بما حدث، ومن الطبيعي قبول شعارات غاضبة للشارع، لكن لغة تخوين الكل من الجندي حتى الرئيس تتناقض مع سبب الحراك واهدافه والتي باجماع الكل تنحصر بمحاكمة عادلة لمن تجاوز وهذا ما كان على المشاركين ضبطه ومنع خروج احد عنه.
من الطبيعي ان تدخل أصابع باجندات اخرى واهداف بعيدة عما حدث ولكن ان تقود الحراك وتحرف مساره امر يضرب في مقتل اهداف التحركات والمسيرات والاعتصامات.
في المقابل عدم وجود تحرك سريع من قبل الجهة المسؤولة عن الشعب سواء الرئاسة او الحكومة وعدم تشكيل لجنة تحقيق محايدة او اعتقال القوة المنفذة او اقالة مسؤولي الاجهزة او المحافظ او تجميدهم لحين خروج النتائج اسباب رئيسية في اشعال الشارع.
بالاضافة لعدم استيعاب التحركات ومقابلاتها بالقمع سواء باللباس العسكري او المدني تعتبر صب الزيت على النار وامعان في قهر الناس وزيادة غضبهم وتوسيع للفجوة بين المواطن والمسؤول.
وكذلك نشر ممارسات و مسلكيات وصور وحتى اعلان عن وجود ملفات لبعضهم تصل لتخوينهم دون محاكمة امور خارج القانون بل خارج الاخلاق والقيم لدولة فلسطين.
تصرف الاجهزة الامنية يوم السبت الراقي بعدم قمع المسيرات رغم الشتائم ولغة التخوين التي سادت الشعارات المرفوع والهتافات المستمرة حولت الامر لصالحهم واعادت للاذهان نقاء عقيدتهم التي اثبتوها خلال مسيرة طويلة وهي حماية شعبهم والتصرف باخلاقهم لا اخلاق من يخونهم.
المُشاهد للاحداث يرى حجم الهوة بين الاطراف المختلفة، فالبعض لم يبرر قمع المسيرات والصحفيين وسرقة الجولات ونشر خصوصيات المشاركين ولكنه ايضا رفض حجم الاستفزاز للجنود المأمورين بقرار من الجهات العليا، ووقف مذهولا من حجم الممارسات الخاطئة من الاطراف المختلفة والتي تصب في اشعال حرب اهلية.
انجرار ذوي الضحية نزار بنات بشعاراتهم التي ابتعدت عن حقهم في محاكمات عادلة ولجنة تحقيق محايدة لتغيير النظام السياسي سيساهم في ضياع حقهم وكذلك مطالبتهم للجهات الدولية بقطع المساعدات لشعبنا ومعاقبة عائلات بالالاف بقطع رواتب من يعيلوهم امر غير مقبول وجانب الصواب، والاصل ان تبقى العائلة دقيقة في تعبيراتها والتي يجب ان تنحصر في معاقبة الجاني ومن اعطاه الامر ومن ارتكب هذا التجاوز المرفوض شعبيا.
كثير من الشخصيات والتي كانت في الصفوف الاولى تطالب بمحاكمة عادلة ولجنة تحقيق محايدة تراجعوا واعلنوا ان الهتافات والشعارات المرفوعة لا تمثلهم وهذا انعكس سلبا على قضية الشعب الرئيسية برفض القتل او الاعدام دون محاكمات.
اخطر ما حدث تحت ناظر القيادات والفصائل والاجهزة الامنية المسيرات من اطراف متناقضة كادت ان تكون صاعق تفجير لحرب اهلية، والقدرة الالهية تدخلت ولم يسقط شهداء من الطرفين والتي لو حدثت لكانت شرارة تحرق الأرض.
صوت القانون يجب ان يبقى اعلى من صوت العشرات الذين هتفوا بشعارات تهدمه، وصوت القانون يجب ان يكون اعلى من تصرفات الاجهزة التي قمعت حرية الرأي والتعبير المنصوص عليها في القانون الاساسي، وصوت القانون عندما يكون اعلى من صوت المسؤول والمواطن نكون وصلنا لدولتنا المنشودة والتي ضحى لاجلها الاف الشهداء والجرحى والاسرى.