بعد سلسلة من النجاحات التي حققتها زيارة الملك عبدالله الثاني لواشنطن، هناك ملفات عديدة بدأ العمل عليها في المنطقة. ومنها العمل على تهيئة الظروف للانطلاق نحو تحقيق حل الدولتين والعمل بالتنسيق مع الفلسطينيين لتحقيق التكامل الاقتصادي الذي يمهد لاستقلالية الاقتصاد الفلسطيني وتحرره من كافة القيود التي حالت وتحول لغاية الان من استقلاليته بسبب الاحتلال. والاستمرار في مساعدة العراق لتعزيز أمنه واستقراره، والانطلاق من ذلك اقتصاديا وتجاريا، وبما يصب في مصلحة البلدين، خصوصا في ظل مخرجات قمة بغداد مؤخرا. ومنها العمل مع جميع الأطراف المعنية لإيجاد حل للأزمة السورية، وأهمية ذلك تباعا في عودة حركة الاقتصاد والتجارة بين سوريا والاردن. فقد أعلنت رئاسة الوزراء الأردنية أن عمان ودمشق اتفقتا على إعادة تشغيل مركز جابر/ نصيب الحدودي بكامل طاقته، وذلك بعد مرور نحو عام على إغلاقه أمام حركة الأفراد. وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزيري الداخلية مازن الفراية، والسوري محمد خالد الرحمون.
وقال البيان إن وزير الداخلية الأردني أكد خلال الاتصال «ضرورة إعادة التشغيل الكامل للمركز الحدودي نظراً لما يمثله من أهمية استراتيجية تعود بالنفع والفائدة على الأردن وسوريا ومصالحهما المشتركة». ونقل البيان عن الوزير السوري ترحيبه بإعادة التشغيل الكامل للمركز الحدودي، مبدياً استعداد بلاده لاتخاذ الإجراءات اللازمة بهذا الخصوص.
وذكر البيان «أن الجانبين اتفقا على قيام الجهات التنفيذية العاملة في المركز بالتنسيق الميداني بشأن الإجراءات اللازمة لإعادة التشغيل الكامل للمركز، وبما يحقق الغايات المرجوة وضمن البروتوكول الطبي المعتمد».
ويسعى الاردن الى دعم تعزيز الوفاق في ليبيا والمساهمة في عملية إعادة الإعمار هناك، ودور القطاع الخاص الأردني في ذلك. وهناك الكثير من الملفات الأخرى.
باتت الارضيه الاردنيه جاهزة للانطلاق في أكثر من اتجاه بالنسبة للدبلوماسية الأردنية، التي عادت إلى سابق عهدها مع قرب زوال تداعيات جائحة كورونا، والأهم رحيل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وسياساته غير المتزنة حيال المنطقة والعالم. فالأردن، المعروف عبر تاريخه السياسي باعتماد لغة المنطق والحوار والعقلانية عانى، كما عانى الكثيرون، من غياب كل ذلك في إدارة ترامب، والذي كان من أهم سياسته التدميريه للمنطقه، هو وصهره وكبير مستشاريه جاريد كوشنر، ما بات يعرف بصفقة القرن، التي ولت بلا رجعة برحيله عن السلطة.
وليتناغم كل ذلك أكثر في خدمة مصالح الاردن والمنطقه ضمن التغيرات التي تشهدها المنطقه لتعود لغة المنطق والحكمه لتسود المنطقه من خلال الحوار البناء الذي بتنا نشهده، فمن المتوقع البناء على النجاح الدبلوماسي في واشنطن بنجاحات مشابهة في عواصم صنع القرار العالمي من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا وروسيا والصين واليابان وغيرها. فقد تغير العالم بعد كورونا وبعد رحيل ترامب.
وكانت القمه الثلاثيه الأردنية القبرصية اليونانية، التي عُقدت في العاصمة أثينا. ويبنى عليها اهمية في اعادة الشراكه الاردنيه بثقل، وعقد الملك عبدالله الثاني والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، الأربعاء الماضي، قمة ثلاثية في العاصمة اليونانية أثينا.
وركزت القمة، التي تلتئم للمرة الثالثة، على أهمية البناء على العلاقات المتينة والشراكة التي تجمع بين البلدان الثلاثة، بما يفضي إلى توسيع آفاق التعاون في المجالات كافة، ويسهم في تحقيق السلام وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وبحثت القمة أوجه التعاون بين الدول الثلاث في مجالات تعزيز التبادل التجاري والاستثمار والمياه والطاقة والتجارة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبيئة والسياحة، بالإضافة إلى مواجهة جائحة كورونا.
وتطرقت القمة إلى علاقات الأردن مع الاتحاد الأوروبي، وأزمات اللجوء والهجرة، إضافة إلى أزمات المنطقة، ومساعي التوصل إلى حلول سياسية لها. وأكد الملك عبدالله الثاني على أهمية انعقاد القمة الثلاثية باعتبارها شراكة مستمرة في التوسع منذ القمة الأولى في عام 2018، والتي تشكل فرصة لمواصلة العلاقات الودية وتعزيز التعاون، ومتابعة التقدم منذ القمتين السابقتين.
وأضاف الملك عبدالله الى اننا «نحن دول تتشارك بشرق المتوسط، وبرأيي أننا سنلعب دورا أساسيا في التعاون الموسع ليس في بلاد الشام وشرق المتوسط فحسب، بل أيضا في التعاون الدولي لأن هناك إمكانيات كثيرة». مؤكدا أن «هناك إمكانية للبناء على شراكتنا المميزة مع العراق ومصر، والتضافر مع هذين البلدين لبحث القضايا المشتركة، فقد ناقشنا هذا الموضوع عدة مرات، وأشار إلى، القمة الثلاثية الرابعة مع مصر والعراق، ومن ذلك المنظور، أتأمل أن تتطرق مباحثاتنا اليوم إلى هذين البلدين كجزء من التكامل الإقليمي الأوسع».
وما زالت القضية الفلسطينية في اولى الاهتمامات الاردنيه، وتناول الحديث في اجتماع القمه التصعيد الأخير، واكد الحرص على التعامل مع القضيه الفلسطينيه من منظور انها مفتاح الامن والسلم العالمي وهي قضية حقوق وقال «يمكننا بحث الدور الذي باستطاعتنا جميعا القيام به لمحاولة التقريب بين جميع الجهات لإعادة إطلاق محادثات السلام». متطرقا في الحديث مع حكومتي قبرص واليونان عن الدور المهم الذي يقوم به الأردن بالقدس ليس فقط في حماية المواقع الدينية الإسلامية والإشراف عليها، بل أيضا حماية دور الديانة المسيحية في القدس وفي الضفة الغربية، وأشار وأكد الى انها محورية لوحدتنا معا.
بعد واشنطن الدبلوماسيه الاردنيه تشهد نشاطا ملحوظا وهناك تنسيق على اكثر من صعيد عربي واوروبي وحقا ان الاردن أمام انطلاقة قوية في مسرح الأحداث في المنطقة والعالم، وان كل ذلك سيرتد بنتائجه وفوائده على الاردن والاردنيين وحتى الفلسطينيين ضمن جهود تحقيق التكامل الاقتصادي من منظور الاردن القومي العربي.