الجواب التقليدي دون تفكير (مفتاح كهرباء طولكرم بيد الاحتلال) ولكننا نتطلع الى حلول خلاقة ولا ننتظر تبريرات؟ سأضع نفسي مكان مواطن كرمي لن يتمكن من العيش دون المكيف في ظل ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، سأضع نفسي مكان بائع البوظة والعصائر، ومكان صالة الأفراح.
بطلت تزبط اليوم نقول (كبسة الكهرباء بيد الاحتلال)، منذ 1994 لغاية اليوم كان لازم نكون أحسن في طولكرم وغزة ونابلس ورام الله وكل الوطن، أيعقل ان نظل نكرر الاحتلال؟ وهل اكتشفنا الاحتلال اليوم، وهل اكتشفنا مناطق (ج) اليوم؟ وماذا سنكتشف أيضاً ما هو مكتشف أصلاً؟.
كنا نتذاكى في اللقاءات العامة بداية تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية ونحاول تفسير كيف سنصبح (سنغافورة)، وحتى نوضح المعيقات كنا نقول (مفتاح الكهرباء بيد الاحتلال بكبسة بقدر يقطعها) كنا نقول ( مقدمة الاتصال لرام الله 02 يعني مربوطين مع القدس ونابلس 09 مربوطة مع نتانيا) ورغم ذلك نحاول ضمن رؤية تنموية واضحة لنصل الى ما نبتغي، كانت الناس آنذاك منجذبة لفكرة (التحول للدولة بعد انقضاء المرحلة الانتقالية) كانت مؤمنة أن هناك من يحمل الحلم ويجتهد ليجسده على الارض، لذلك كان الجميع يستمع باصغاء للمعيقات وكيف ستصبح فرصاً.
ولكننا وصلنا نقطة اننا غير قادرين على إيصال الكهرباء والمياه لمحافظة، ولكن اليوم لا نمتلك قوة المبرر وجاذبيته والالتفاف لنزيل هذا المعيق أو ذاك، ولم نحقق ان المعيق فرصة، بتنا نعقب على الحدث ولا نصنعه ولا نتداركه، في العام 2021 نقول للناس: رشدوا استهلاك الكهرباء، ونقول لجامعة فلسطين التقنية – خضوري : صبراً صبراً، ومشافي طولكرم: طوّلوا بالكُم.
ملف الكهرباء بحاجة لنقاش، وقد خضنا بالنقاش منذ زمن طويل يوم كانت ازمة شركة كهرباء محافظة القدس، وكان هناك اصرار حكومي آنذاك على إلزامها والافراط بالتحكم بها، وخضنا بالنقاش حول محطة الجلمة وتشغيلها ويتبعها صرة وقلنديا وترقوميا، ومن ثم ذهبنا صوب الطاقة المتجددة وأهميتها، وضرورة التوسع بها في بلد مشمسة على مدار 360 يوما في العام، وظل النقاش حاضراً بقوة الى أن وقفنا اليوم مكاننا مع تراجع، وباتت لدينا محافظة معتمة ولا قدرة على الحل، بلدية طولكرم توزع ما يصلها وتطالب برفع القدرة من محطة بيت ليد الى طولكرم، وبالتالي تقوم بتوزيع الأحمال، الأمر الذي قاد الى انقطاعات طويلة أثرت سلبياً على جودة الحياة.
طبيعي أن تكون ردة الفعل الشعبية المؤسساتية متعلقة بأمل أنه لا يوجد مسؤول سيخذلهم، فنادوا وخاطبوا وكتبوا، في نهاية الأمر اكتشف الجميع أن أحداً لا يريد ان يقدم حلاً إلا حل ترشيد استهلاك الكهرباء والاكتفاء بمكيف واحد في كل منزل!!!، وفي لحظة يتم التوافق على رفع القدرات عبر المحطات المذكورة أعلاه اعتماداً على الطاقة التقليدية وتبقى طولكرم رهينة لخطاب المنطقة (ج) الذي قد يتوقف المشروع في بدايته.
طبعاً الأمر برمته ليس ملقى في حضن سلطة الطاقة والموارد الطبيعية وكادرها المتميز، بل هو في البداية موضوع سياسي اقتصادي تتحمله الحكومة والجهات المعنية بالتنسيق مع الاحتلال، وعندها لن تقصر سلطة الطاقة فنياً لأنها على قدر الحمل، ولكن المعضلة في غياب خطاب حكومي يوجه الأمور صوب حل المعضلة برمتها في هذا الصيف الحار، لأن اقتصاد طولكرم مربوط بالكهرباء وبدونها لا تستقيم الحياة، تماماً كما لا تستقيم الحياة دون كهرباء في غزة ورام الله والخليل.
يجب أن تطرح حلول خلاقة من الحكومة صاحبة المسؤولية، ولا نريد جواباً تقليدياً ولا نريد خطاب المعيقات التي لن تتحول الى فرص أبداً، ولا نريد خطاب الانفكاك عن الاحتلال بالطاقة المتجددة طالما أن مفرداتنا طاقة تقليدية معتمدة على مصادر ليست لدينا.
لم تعد البلد تحتمل تحويل كل القضايا الى قضايا رأي عام وكأننا في مساحة تجعلنا نتمكن من ذلك، البلد مرة أخرى لا تحتمل، بل تحتاج الى حلول خلاقة إبداعية ملتزمة بحقوق الناس في الأساسيات، وهذا ينسحب على كل المحافظات من رفح حتى جنين.
يجب ان يتوقف الهمس بأن الحل شركة كهرباء بدلاً عن البلدية، وهذا ليس وقته ولا مكانه، سيبوكم من هذه الأسطوانة المشروخة التي تضر ولا تنفع.