كتبت في تغريدة لي على موقع «تويتر» منذ بضعة أسابيع عن شعوري بالغضب والحنق تجاه إدارة الغذاء والدواء بسبب عدم تصريحها بلقاحات مضادة لـ«كوفيد» للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 سنة، ثم حذفت التغريدة لأنني أعلم جيداً أنه في الوقت الذي لا أطيق فيه الانتظار لتطعيم أبنائي، لست مؤهلاً للحكم على كيفية جمع إدارة الغذاء والدواء للبيانات الخاصة بالسلامة والأمان.

مع ذلك تعدّ الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال مؤهلة لذلك، وقد أرسلتْ خطاباً خلال الأسبوع الماضي تدعو فيه إدارة الغذاء والدواء إلى الإسراع باتجاه ذلك الأمر. وأخبرني الدكتور لي سافيو بيرز، رئيس المجموعة: «ما كان يثير قلقنا هو عدم المسارعة نحو منح تصريح للقاح ملائم للأطفال بالقدر نفسه من المسارعة نحو إنتاج اللقاح المخصص للبالغين». ويعتقد الجميع أنه على إدارة الغذاء والدواء التأني في تقييم مدى سلامة اللقاح، لكن في مرحلة ما ستمثل المبالغة في تفادي الخطر مخاطرة في حد ذاتها.

وقد طلبت الإدارة خلال الشهر الماضي من الشركتين المصنعتين لكلٍّ من لقاحَي «فايزر – بايونتيك» و«موديرنا» زيادة عدد المشاركين في التجارب السريرية من الفئة التي تتراوح أعمارها بين خمس سنوات وأحد عشر عاماً بهدف رصد أي آثار جانبية نادرة محتملة بشكل أفضل. كذلك طلبت الإدارة بيانات متابعة خاصة بأمان وسلامة اللقاح تغطي مدة تتراوح بين أربعة وستة أشهر في التجارب الخاصة بالأطفال، في حين تمتد التجارب الخاصة بالبالغين لشهرين فقط.

وما يثير قلق الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال هو أن هاتين الخطوتين الإجرائيتين تبطئان عملية منح التصريح. وقد قال لي دكتور أشيش جا، عميد كلية الصحة العامة بجامعة «براون»: «يشعر الخبراء بأريحية كبيرة تجاه حجم التجارب الحالي وفترة المراجعة التي تمتد لشهرين؛ وهذا أمر منطقي».

الدكتورة إيفون مالدونادو أستاذة الأمراض المُعدية عند الأطفال في جامعة «ستانفورد»، وأحد المحققين البارزين في موقع «ستانفورد» لتجربة «فايزر – بايونتيك» الخاصة بلقاح الأطفال، أخبرتني أنه من الممكن التقدم بلقاح «فايزر – بايونتيك» للحصول على تصريح طارئ للقاح للأطفال بين 5 سنوات و11 عاماً في غضون أسابيع على أساس استخدامه لمجموعة أولية وبيانات متابعة مدتها شهران. وللأسف سيكون على الأطفال ممن تقل أعمارهم عن خمسة أعوام الانتظار حتى بداية العام المقبل.

مع ذلك إذا طلبت إدارة الغذاء والدواء بيانات إضافية، ربما لن يكون من المتاح بدء تطعيم الأطفال أقل من 12 عاماً قبل بضعة أشهر، لكن مع انتشار متحور «دلتا» في أنحاء البلاد، يحمل كل يوم معه قصصاً جديدة لتكدس أقسام الأطفال في المستشفيات. ومن غير الواضح ما إذا كانت العدوى بمتحور «دلتا» أكثر خطورة على الأطفال مقارنةً بالمتحورات السابقة لفيروس «كورونا»، أو ما إذا كانت زيادة عدد الأطفال المصابين ناجمة عن شدة عدوى متحور «دلتا» وقدرته الكبيرة على الانتشار. مع ذلك في الحالتين يبدو أن الخطر الذي يواجهه الأطفال يتفاقم.

يقول بيرز: «ما نسمعه من زملائنا خصوصاً الذين يعملون في أماكن مستويات التطعيم فيها منخفضة نسبياً ومستوى العدوى المجتمعية بها مرتفع، هو أنهم يشاهدون حالات إصابة كثيرة بالفيروس بين الأطفال، ويرون أنها أكثر من الحالات التي شاهدوها في أي وقت مضى منذ بدء انتشار الوباء».
لكن كما قال بيرز: «إذا كنت والداً يشعر طفله بمرض شديد الوطأة كان يمكن تجنبه بإجراءات سلامة فاعلة، فلن تمثل الإحصاءات أهمية بالنسبة إليك، فما يهمك حقاً هو أن طفلك مصاب بمرض كان بمقدورنا تفاديه». تكمن المشكلة في أنه لن يتم تحميل إدارة الغذاء والدواء مسؤولية الحالات المصابة بـ(كوفيد) التي كان من الممكن تفاديها على النحو الذي سيتم تحميلها فيه مسؤولية ظهور آثار جانبية غير متوقعة للقاح. لذا تشير كل الحوافز المؤسسية إلى الحرص الزائد. ما تفعله إدارة الغذاء والدواء على حد قول جا هو «تخفيف مخاطر الآثار الجانبية والجوانب السلبية للعقاقير واللقاحات، ولم يطالبهم أحد بالنظر في الجوانب والآثار السلبية للتأخر والتأجيل».

ومن المرجح أن يكون النشاط الكبير المؤثر للحركة المناهضة للقاح من الأسباب التي أدت إلى الحرص الزائد من إدارة الغذاء والدواء. وتقول مالدونادو: «أشك في أن ما حدث هو أن إدارة الغذاء والدواء أرادت الكثير من المخاوف التي نسمعها من أشخاص مختلفين يشعرون بالقلق تجاه تلك اللقاحات وأثرها على الأطفال، لذا رأوا أنه إذا اتخذوا وقتاً أطول في عملية الموافقة على اللقاح ربما تزداد ثقة الناس في سلامة وأمان اللقاحات». وأوضحت قائلة أن أغلبية الناس الذين «يؤمنون بالعلم ليسوا أولئك الذين يصرخون وتتعالى أصواتهم». وربما هذا ما ينبغي علينا فعله إذا استمر السياسيون في حرمان أطفالنا من اللقاحات.

عن«نيويورك تايمز»