إنها الرابعة فجراً وبدأ الصبح فيها يتنفس وخيوط النهار قد لاحت، وصوت الأذان بدأ يصدح في المساجد، وسكون الليل أوشك على الإنتهاء، وأم كانت تغرق في نومها وأحلامها التي بنت فيها مستقبل أبنائها، تفيق فزعة والقلق يتسلل لقلبها وسرعان ما تحول لخوف شديد وشعور بأمر مريب يحدث في غرفة إبنها الذي ربته ورعته على مدار سنوات طويلة، فكان إعتقادها بداية بأنه مريض؛ فعاتبت نفسها لغفلتها عنه، وأعتقدت مرة اخرى بأنه قلق من شيء لم تكتشفه ولم تساعده أو أنه يتضور جوعاً ولم تطعمه، ففاقت من نومها فزعة وسارت بإتجاه غرفته مسرعة وفتحت الباب وقد أخذت عهداً بينها وبين نفسها بعد أن راودتها مئات الأفكار في تلك الأمتار التي تفصل غرفتها عن غرفته وأوقفت كل الأفكار وإتخذت قراراً بأنها ستحميه من كل الشرور وأستعدت للموت فداءً لفلذة كبدها ودخلت غرفته مسرعة وللهفتها لم تطرق الباب وفتحته ونظرت في أرجاء الغرفة التي جابتها نظرات عينيها باحثة عن ذاك الشاب الذي اعتادت على حنيته وحبه لأمه ورأفته بها وسماع كلمتها وأثناء بحثها وقعت عينها على طاولته الصغيرة التي تنظفها كل يوم وإذا بمادة وأدوات غريبة تعلوها لم تعهد وجودها سابقاً ولكنها أكملت بحثها في أرجاء الغرفة للبحث عنه فوجدته وقد أنهكه التعب ونظرت لوجهه الشاحب وجسده الهزيل في منظر لم تعهده في إبنها سابقا عندها أيقنت بأنه توجه لهذه الآفة الخطيرة وسلك طريق السم القاتل " المخدرات " وكان قرارها نابعاً من أمومتها فتوجهت للطاولة ورفعت ما عليها من مواد وحاولت إتلافها تحركها مشاعر الأم الغاضبة من فعل إبنها وخوفها الشديد على صحته وفقدانه إذا استمر في ذلك فكانت تصرفاتها نابعة من حبها وأمومتها لكن المصيبة كانت كبيرة وردة فعله وقعت كالصاعقة عليها عندما دفعها وأوقعها على الأرض وحاول كسر يدها لمنعها من إتلاف مادته التي يقتل بها نفسه ولكنها رفضت وهي تبكي بكاءً شديداً وقلبها الذي جُرح جرحاً عميقاً وجلست في زاوية الغرفة والدموع تنهمر من عينيها وهي تنظر إليه بعين العطف وتتحدث إليه بكلمات الأم الخائفة على إبنها الذي أحبته كثيراً ولكنه رد عليها بإحضار وعاء مليء بالبنزين وسكبه على جسدها وذهب ليحضر قداحته لإشعالها ولكنها هربت مسرعة والخوف يتملكها والحيرة بدت واضحةً عليها وعقلها عجز عن التفكير وعشرات الأسئلة تساورها كيف تتصرف؟ وماذا تفعل؟ وماذا جرى له خلفها؟ ومن أوقعه بهذه السموم؟ ولكن إهتدت وقررت التوجه لإدارة مكافحة المخدرات بالشرطة والتي إستطاعت تهدئة الأم وتوجهت للبحث عن الإبن فقبضت عليه لحمايته من نفسه وحماية أمه منه.