تسعى المنظمات والمؤسسات الى تحقيق الرضا الوظيفي للعاملين لديها، نظرا لاهمية ذلك في تحسين اداء العاملين وزيادة انتاجهم والدفاع عن قيم المنظمة والالتزام بها، اضافة الى الاستجابة لظروف العمل بكل يسر في حالات الطوارئ والازمات، لذلك يجب ان تقوم المؤسسة بتحقيق هذا الرضا من خلال معرفة احتياجات ورغبات الموظفين المهنية والشخصية، ولتحقيق ذلك يجب ان تتبنى المؤسسة خطط اتصال فاعلةتتفهم وتلبي رغبات الموظفين لتحقيق هذا الهدف.
يعد الاتصال المؤسسسي احد الركائز التي تستند عليها المؤسسة ضمن خططها واستراتيجيتها، وانه ياخذ حيزا كبيرا واساسيا لنجاح المؤسسة وتحقيق اهدافها، فالاتصال الفاعل هو اساس نجاح المؤسسة ويعمل كذلك على تنمية العلاقات الاجتماعية والعمل بروح الفريق، وان تجاهل العامل الانساني سيؤدي الى الاحساس بالاستياء وعدم الرضا مما ينعكس على الانتاجية ومردود العمل. 
ولعل المؤسسات والمنظمات عليها ان تراعي التحديث دائما في اساليبها وخططها في ظل التطور الهائل الحاصل في التكنولوجيا وانظمة حوسبة العمل،من خلال تفعيل وتبني خطط اتصال داخلية وخارجية الاولى تتعلق بموظفيها اي جمهورها الداخلي والثانية تختص بجمهورها الخارجي كالمؤسسات الحكومية والاهلية والمجتمع المدني والعملاء ووسائل الاعلام المختلفة ودور النشر وغيرها. 
مفهوم الاتصال الداخلي:
لم يحدد الباحثون تعريفا اجرائيا محددا للاتصال الداخلي منهم عرفه بانه الاتصال الانساني المنطوق و لمكتوب الذي يبنى داخل المؤسسة على المستوى الفردي و الجماعي ويساهم في تطوير العمل و تقوية االعلاقات الاجتماعية  بين العاملين (ابو عرقوب،  1993).
اما (محمود، 2002) عرفته بأنه عملية نقل و تبادل المعلومات الخاصة بالمنظمة داخلها و خارجها، وهو وسيلة تبادل الافكار والاتجاهات والرغبات والاراء بين أعضاء التنظيم ليحقق التعاون الذهني العاطفي بين أعضاء التنظيم ليساعد على الارتباطوالتماسك ومن خلاله يحقق الرئيسأو معاونوه التأثير المطلوب في تحريك الجماعة نحو الهدف.
اذن فالاتصال الداخلي هو عملية نقل وإيصال المعلومات داخل المؤسسة وفي مختلف الاتجاهات والمستويات لتطوير العمل وبلوغ الاهداف المرجوة.


مفهوم الرضا الوظيفي:
مركز البحوث في جامعة ميتشيغان الامريكية يعرف الرضا الوظيفي بانه الارتياح الذي يستخلصه العامل من الاوجه المختلفة لانتمائه الى المشروع ومن مؤشرات الرضا الوظيفي منها ارتفاع مستوى الانتاج، وانخفاض معدل التغييب ودوران العمل.
وهناك باحثون يرون ان الرضا الوظيفي يدل على الاتجاهات النفسية للعاملين تجاه اعمالهم ومدى ارتياحهم وسعادتهم في العمل خاصة بما يتعلقبسياسة المنظمة وفرص النمو والترقياتوالاجور وساعات العمل وبيئة العمل .
تشير الدراسات الى ان عدالة الادارة في معاملة موظفيها ليس كافيا اذا لم يرافقه شرح وافي للتعليمات والقرارات المتخذة بشفافية ليقطع الطريق على مروجي الاشاعات التي تخلق بلبلة وتعكر صفو علاقات العمل، ومن هنا تبرز اهمية ان يكون هناك اتصالا مؤسسيا فعالا.
ولتحقيق الرضا الوظيفي للعاملين في اي مؤسسة يجب ان تدرك المؤسسة او المنظمة في هذا السياق ضرورة وجود خطة اتصال رسمية وغير رسمية في حين ان الرضا الوظيفي سيندرج ضمن نوعين الرضا الذاتي والرضا التنظيمي.
اهمية الاتصال الداخلي في المؤسسة
الاتصال الداخلي يسعى الى تحقيق اهداف التنظيم وتوجيه سلوك العاملين من ناحية تحقيق الاهداف وتوجيه العاملين نحو اداء مهامهم ومسؤولياتهم الوظيفية والقدرة عل اتخاذ القرارات اضافة الى احداث تأثير على النشاطات المختلفة، وعليه فان الاتصال المؤسسي الداخلي مهم للغاية، ويسهم في رفع معنويات العاملين وخلق نوع من الرضا لديهم من خلال اشراكهم في عمليات اتخاذ القرار والسماح لهم بالتعبير عن مشاعرهم وارائهم. 
كيفية اسهام المؤسسة في تحقيق الرضا الوظيفيمن خلال اتصالها الداخلي الفعال:
يلعب الاتصال الرسميدورا وقائيا يحمي العامل من مشاعر عدم الرضا وتحميه كذلك من السخط والاستياء ويعمل ويحقق اشباع بعض الحاجات التي بدورها تعمل على  تحقيق الرضا وهي الانتماء والتقدير والانجاز وتحقيق الذات.
 يتجلى ذلك في العلاقة التفاعلية للتغذية العكسية الناجمة عن الاتصال الصاعد، حيث كلما زاد الاتصال الصاعد كلما شعر الموظف بالانتماء، وانه من الضروري ان تنتقل المعلومات بشكل اكبر من اسفل الى اعلى لكلا الطرفين، فالمؤسسة التي تعمل على تشجيع تدفق المعلومات الى اعلى بكل يسر يكون لدى مسؤوليها رؤية شاملة لما يحدث بداخلها، مما يجعل القرارات الصادرة عنها اكثر صوابا اضافة الى ذلك ان اتاحة الفرص للاستماع الى اراء العاملين وشكواهم ومقترحاتهم يعمل على تلبية بعض احتياجات العاملين التي حددت من قبل علماء الادارة.
من الضروري ان تدرك المؤسسة ان فعالية نظام الاتصال له تأثير كبير على الجو الاجتماعي للمؤسسة بمعنى انهكلما توفرت للموظف البيانات والمعلومات الجديدة كلما شعر بالتقدير من قبل مؤسسته وبالتالي تكون هناالمؤسسة اشبعت حاجة للعامل وهي حاجة احترام وتقدير الذات والتي تحقق الرضا.
وفي ذات الاطار يجب ان تعلم المؤسسة بان الاتصال الرسمي الفعال لديها سيبرز بعض المواقف الايجابية التي تظهرفي سلوك الموظفين كردة فعل عن حالة الرضا مثل الانضباط والالتزام بساعات العمل ومواقيته وانجاز المهام وروح التعاون والمبادرة، في حين كلما تأخر وصول المعلومات الى الموظفين كلمااحسوا بعدم الرضا بمعنى يجب ان تدرك المؤسسة اهمية ان لا تتاخر بايصال المعلومات التي تعد من العوامل الوقائية التي تمنع الوصول الى مشاعر الغضب والسخط وعدم الرضا.
على المؤسسة كذلك ان تدرك اهمية تزويد الموظف بالمعلومات بشكل دائم ومستمر وكاف من خلال المصادر الرسمية بالدرجة الاولى كونها لا تتأثر بالاشاعة والتحريف، وهنا تبرز اهمية الاتصال الفعال للمؤسسة بطرق ومصادر رسمية تعمل على تعزيز المصداقية والثقة بالمؤسسة مما يخلق شعورا بالرضا، ويجب محاربة مسألة احتكار المعلومات من طرف بعض العاملين بحكم مراكزهم الوظيفية، فان احتكار المعلومات من بعض الاطراف في المؤسسة سيؤثر على عملية انتقال المعلومات وان تكرار ذلك سيزيد من مشاعر عدم الرضا.
ولكن هناك امورا اخرى يجب ان تتوفرللموظف ليكون راضيا مثل الاجور وساعات العمل وامكانية تطوره وظيفيا من خلال الترقيات ونظام الحوافزوشعوره بالامان الوظيفي، فعلى المؤسسةعند وضعها لخطط الاتصال الداخلي ان تراعي احتياجات الموظف المادية والمعنوية وذلك من خلال  تبني المؤسسة لانشطة اتصالية عديدة تتعلق باعتماد انظمة حوافز مالية ومكافأت بطرق شفافة ومعلومة للجميع وفق معايير محددة.
وفي هذا الاطار لا بد من ان تكون خطة الاتصال المؤسسي الداخلي واضحة، وتلبي احتياجات الموظفين مثلا النظم المتعلقة بالترقيات، في حين ان لم يكن هناك اتصالا داخليا فعالا، ولا تتوفر معلومات دقيقة وواضحة حياله فيما الغموض يكتنفه ومن دون تحديد المعايير والانشطة المتعلقة فيه فسيتولد عدم الرضا نظرا لعدم وجود سياسة اتصالية واضحة وعدم نقل المعلومات بطرق شفافة ودقيقة وممكن ان يشعر الموظف بان ادارة المؤسسة تحتكر المعلومات وتقوم بترقية موظفين على حساب اخرين لانه لا يعلم الموظفون بسياستها حول ذلك من خلال عدم وجود اتصال داخلي فعال.
من المفترض على اي مؤسسة ان تحترم وتقدر موظفيها ويجب ان يشعر الموظفون ان مؤسستهم تقدر جهدهم وعملهم لان العنصر البشري هو القادر على تحقيق رؤية واستراتيجيات واهداف المؤسسة،وانه من دون قوة بشرية لا يمكن انجاز شيء،فلذلك يجب ان يكون الاتصال داخلي فعال من خلال تنفيذ نشاطات رسمية وغير رسمية مثل الاعلان عن الموظف المثالي بشكل شهري، ومنح الشهادات التقديرية عند انجاز الاعمال في اوقات الطوارئ والازمات ، منح مكافأت مالية في ظروف معينة واستثائية والذي بدوره سيحقق الرضا الوظيفي والانتماء للموسسة واضافة الى مساهمته برفع انتاجية العمل وخلق روح المبادرة والابتكار.
واعتقدان المؤسسة التي لديها اتصال داخلي وخارجي فعال ونشط تحقق غاية الرضا الوظيفي من خلال قيام المؤسسةبجلب منح دراسية لبرامج الماجستير والدكتوراة لموظفين متميزين وفق معايير وشروط شفافة،مما سيخلق الثقة بادارة المؤسسة والشعور بالامتنان لهالانها ستقوم باكمال تعليمهم الاكاديمي اضافة الى عقد اتفاقيات لتدريب الكوادر بمختلف جوانب عملهم في داخل المؤسسة مما يخلق حالة من الرضا لان المؤسسة تسعى الى تطوير قدرات موظفيها مما يعزز ثقة الموظف بنفسه وبتطوره ويرفع انتاجية عمله ويخوض حقول وظيفية جديدة داخل مؤسستهويشعر بالامان الوظيفي.
ولا شك ان المؤسسة التي لديها فريق اتصال مؤسسي فعال لن تتجاهل تنفيذ نشاطاتاتصالية غير الرسمية لموظفيها مثل المشاركة في فطور جماعي او مادبة غذاء او نشاطات ترفيهية للموظفين من خلالها يتم تقريب وجهات النظر بين المسؤولين والمرؤوسين وخلق علاقات ايجابية وبناءة بين الموظفين وفرق العمل،  والاستماع الى اراء الموظفين وشكواهم ومقترحاتهم وهمومهم حتى الشخصيةمنها، والمساعدة على حل بعض المشكلات الشخصية، مما يشعر الموظف بان مؤسسته تقدره وتتفهم همومه وتسعى لحل مشاكله كي لا تؤثر على وضعه النفسي وبالتالي التأثير على انتاجيته وادائه.
يبقى الرضا الوظيفي يشكل أهمية كبيرة لكل من الموظف والمؤسسة على حد سواء، فان اهميتها تكمن للموظفبالقدرة على التكيف مع بيئة العمل، والرغبة في الابداع والابتكار،وتحسين الاداء ورفع الانتاجية ورفع مستوى الطموح والتقدم بتطوير مستقبله الوظيفي في حين ان فوائد الرضا الوظيفي على المؤسسة فتتجلى بارتفاع في مستوى الفعالية لدى الموظفين، وتحسين الاداء وتخفيض تكاليف الانتاج، فالرضا الوظيفي يساهم بشكل كبير في تخفيض معدلات التغيب عن العمل، وتنفيذ الاضرابات و الشكاوى، وارتفاع نسبة الولاء للمؤسسة.
في ختام مقالنا لا بد وان نذكر ان كل ما سبقى يتحقق من خلال وجود اتصالمؤسسي داخلي وخارجي فعال، وان يكون تقييم فعاليته مرتبط بالتركيز على مدى الجودة التي يتمكن بها الاتصال لتحقيق اهداف المؤسسة، ومنها الرضا الوظيفي للعاملين، من خلال قياسه بشكل دائم والحصول على التغذية الراجعة عن الانشطة الاتصالية، لان الرضا بشكل عام متغير وليس ثابتا، لتداخل عوامل عديدة نفسية واجتماعية ومادية اضافة الى العمل على تطوير وتعديل خطط الاتصال بشكل دوري لتحقيق الاهداف والغايات.
 

المصادر والمراجع:
-    محمود، منال، مدخل الى علم الاتصال، جامعة الاسكندرية، 2002 
-    ابو عرقوب، ابراهيم، 1993، الاتصال الانساني ودوره في التفاعل الاجتماعي، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع- عمان، الاردن.
-    بوقلول، احلام، رميسة، فاضل، دور الاتصال الداخلي في تحقيق الرضا الوظيفي في المؤسسة الاستشفائية العمومية،جامعة العربي بن معهيدي ام البواقي - الجزائر،2018.
-    كلاش، وسام، دور الاتصال الداخلي في تحقيق الرضا الوظيفي في المؤسسة  الجامعية الجزائرية، رسالة ماجستير، جامعة العربي بن معهيدي ام البواقي- الجزائر2016.
-    جازية، رضاوية. 2014. الاتصال الداخلي ودوره في تحقيق الرضا الوظيفي في المؤسسة الجزائرية. دراسات اجتماعية،مج. 2014، ع. 14، ص ص. 97-126.