بات العالم يشهد حالياً الموجة الرابعة لفيروس كورونا_ COVID-19_ التي تمت تسميتها بالمتحورة دلتا، وهي السلالة الطاغية بين حالات الإصابات الجديدة. وأدى تفشي هذه السلالة الشديدة العدوى، الى فرض إجراءات أكثر صرامة من الماضي على الصعيد العالمي، ما جعل عدداً من الدول تعيد فرض إجراءات حجر صحي عام.
وما أن بدأ عدد مصابي "كورونا" في المجتمع الفلسطيني بالازدياد كما هو متوقع؛ بعد أن تمت السيطرة النسبية الواضحة على الفيروس وإغلاق عدد من المشافي المتخصصة، لتخرج أصوات هنا وهناك ما بين مُطالِب لفرض الإغلاق وأصوات تُحذر بالصوت العالي بعدم الإغلاق مهما كلف الأمر، لتعود الأمور الى المربع الأول للبدايات، والأخطر بأن هذه الموجة تزامنت مع بداية العام الدراسي الجديد.
أقول هنا بوضوح بأن على الجميع تحمل مسؤولياته الوطنية تجاه هذا الفيروس، ولا يكتفي فقط بدور الرقيب والحسيب والساخر والمعارض بأي فعل تقوم به الحكومة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحكومة قامت وتقوم بما عليها من مسؤوليات ضمن كل الإمكانيات المتاحة والظروف التي يعلمها الجميع من اقتصادية وسياسية واجتماعية، وإن تعثرت هنا أو هناك اعتذرت وقامت بالعمل المناسب الذي يخدم أبناء الوطن، ما يجعل الأمور أكثر صعوبة في كيفية استعادة ثقة المواطن، لكن الأهم بأن العمل مستمر لخدمة المجتمع الفلسطيني ولم ولن يتوقف بسواعد أبناء القطاع العام بالدرجة الأولى.
هذا المقال دعوة لكل مسؤول في موقعه لتنفيذ حملات تطعيم بالشراكة مع المجتمعات المستهدفة، وأن يكون هدفنا هو زيادة الوعي بالتطعيمات ضد فيروس كورونا والثقة به لدى كل قطاعات ومكونات أبناء شعبنا؛ من منطلق أن الحلول يجب أن يتم تطويرها في شراكة حقيقية مع كافة فئات أبناء الشعب.
وهذا يعني تمكين قادة المجتمع المحلي من قيادة إنشاء ونشر حملات الرسائل الخاصة بهم؛ حيث يعتبر قادة المجتمع جزءًا من المجتمع، ما يتيح الاستفادة من معارفهم استجابة أسرع وتكرارات أقل، كما أن إشراك المجتمع في العملية يؤدي أيضًا إلى دعم وتقليل العزلة.
لو كنت صاحب قرار لأطلقت اليوم قبل الغد حملة وطنية للتطعيم، ستشجع الحملة وتحث المجتمع الفلسطيني على التطعيم ضد فيروس كورونا، والتوجه الى أولئك الذين يشككون في اللقاحات للحصول على أحدث المعلومات حول سلامة اللقاحات وتوافرها، وفرض سياسات تشجيعية وقرارات الزامية التطعيم.
وأدعو كل المُزايدين والمُشككين بأن يتحملوا مسؤولياتهم كل حسب اختصاصه وإمكانياته الاقتصادية، الإعلامية، المجتمعية، الدينية، الثقافية. وأيضاً إشراك كافة مكونات المؤسسات المختلفة وممثلي المجتمع لعمل أنشطة متنوعة والتعامل معها، والاعتراف بالتحيز الواعي وغير الواعي بين مقدمي الخدمات الصحية والعاملين في مجال الصحة العامة، من أجل بناء وتعزيز ثقة المجتمع من خلال الشراكات مع المنظمات المجتمعية والمنظمات القاعدية والمجموعات المجتمعية الأخرى.
ثم العمل على إنشاء شراكات غير رسمية ورسمية بين الإدارات والمجتمعات الصحية، مثل تعزيز العمل مع العلاقات المجتمعية و/ أو تشكيل مجالس استشارية مجتمعية، من أجل إشراك المجتمعات أثناء تحديد الأولويات واتخاذ القرارات وتسهيل الأنشطة والاستفادة من نقاط القوة في المجتمع، مثل التماسك الاجتماعي، والشعور بالجماعة والمجتمع، والاحترام والاهتمام بالمسنين، والاعتراف بالمحددات السياسية والاجتماعية والمادية للصحة، ومعالجتها عند الإمكان، وتطوير الاتصالات باللغة المفضلة للمجتمع، باستخدام مصطلحات بسيطة؛ وإقران مواد الطباعة مع رسائل الفيديو والصوت والاعتراف بالمعايير الثقافية ووجهات النظر في التثقيف الصحي ومواد الاتصالات الصحية ومراعاتها واحترامها.
آن الأوان أن يعمل الكُل من أجل مصلحة الكُل، دون مزايدة على أبناء القطاع الصحي الذين يعملون بصمت، ودون المزايدة على أي كان. في الأزمات يظهر نوعان من السلوك البشري: فئة عبارة عن جمهور متفرج يكتفي بالنقد التدميري وما أكثرهم، وفئة تعمل وقد تتعثر لأنها تعمل لكنها تنهض وما أقلها.