المُناضل، الثائر، الفدائي الفلسطيني عبر التاريخ هو ذلك المٌتمرد على جميع أدوات الاحتلال وعقليته الصهيونية، وبسبب تطور الكيان الاحتلالي في جميع المجالات العلمية والتكنولوجية والمتفوق بها على العالم، تعامل ويتعامل مع الفلسطيني في جميع الأحداث النضالية التي يسطرها الشعب بالتنبؤ المنخفض، ما جعل التأثير والنتائج كبيرة على شكل لغز رائع في جميع مراحل التحرر وفي مختلف أماكن تواجد الساحات النضالية.
الفلسطيني بنضاله الدائم منذ الأزل جعل منطق الغير متوقعاً في ما لا تعرفه أكثر صلة بما تعرفه. ضع في اعتبارك أن المناضلين والمناضلات في صراعنا مع الاحتلال جيل يخلف أجيالاً دون أن يكون هناك توقف زمني، ما جعل الدروس يتم المراكمة عليها حتى ولو اختلفت الأشكال والأدوات، لكن يبقى الهدف واحداً في مواجهة الوجه البشع للاحتلال، ما أدى الى أن يكون هناك شعب كامل متكامل يوصف بأنه شعب الجبارين بسبب طاقته المستمرة في المواجهة الدائمة وولادة أجيال يمارسون النضال بأشكال غير متوقعة.
الروائي والكاتب المصري المتخصص في مجال التراث يوسف زيدان ـ الذي أتابع جميع إنتاجاته ـ استهزأ عبر منصات التواصل الاجتماعي بما قام به الأسرى الفلسطينيون الستة وتمكنهم من الفرار من سجن جلبوع، إذ وصفهم بـ «الممثلين» وما قاموا به لا يعدو أكثر من مجرد مسرحية.
زيدان على الرغم من انسجامه مع الرواية الصهيونية ما قبل الحدث، إلا أنه أيضاً وقع في فخ عقله الذي لا يُبصر سوى ما يريد أن يشاهده للأسف، في النضال الفلسطيني المستمر هناك أحداث لا يمكن التنبؤ بها تتجاوز ما هو متوقع عادةً من الموقف وله عواقب وخيمة محتملة. تتميز أحداث القصص البطولية النضالية بندرتها وتأثيرها الشديد والإصرار الواسع على أنها كانت واضحة في الإدراك المتأخر، لا يمكن التنبؤ بها مسبقًا، على الرغم من أنه بعد وقوعها يزعم الكثيرون خطأً أنه كان ينبغي توقعها!!
تتسبب القصة البطولية الفلسطينية في تعرية العديد من العقول المدجنة والنمطية، ما يجعلهم في حالة رفض بما هو أسطوري بطولي، بسبب بسيط وهو أنهم يعتمدون على أدوات التنبؤ القياسية التقليدية، غير مدركين حالة التطور ولو كانت بطيئة على المجتمع الذي يعاني ويلات الاضطهاد بشكل يومي، ما يزيد من قابلية ولادة قصص بطولية، يجعل ماكينة الإعلام الاحتلالية تنشر المخاطر وتقدم أماناً زائفاً.
وقع يوسف زيدان في ضحالة معرفته بتاريخ الحركة الأسيرة والعديد من قصص الهروب التي نجحت أو فشلت، لهذا يوجد شيء في الماضي يمكن أن يشير بشكل مقنع إلى إمكانية حدوثه وفي ذات السجن لو كان مُطلعاً، وهذا ما نجده الآن في الإعلام العبري شيئاً يمكن تفسيره بعقلانية بعد حدوثه.
عدم القدرة على التنبؤ بالقيم النضالية يعني عدم القدرة على التنبؤ بمسار التاريخ، بالنظر إلى حصة هذه الأحداث في ديناميات الأحداث، الندرة، والتأثير الشديد على مسار التاريخ، والقدرة على التنبؤ بأثر رجعي (وإن لم يكن متوقعاً) هذه هي سيرورة النضال. ما يثير الدهشة ليست كلمات يوسف زيدان وإنما حجم أخطاء توقعاته من النضال الفلسطيني وعدم إدراكه لها، لهذا من قرر أن يخوض معركة تحرير نفسه بنفسه يعلم جيداً بأنه يضع روحه على كفه.
 إن عدم قدرة يوسف زيدان على التنبؤ في البيئات الخاضعة للنضال الفلسطيني، إلى جانب افتقاره العام للوعي بهذه الحالة النضالية بالتحديد، على الرغم من اعتقاده بأنه خبير!! لا يعتمد في الواقع على سجله التجريبي أو النضالي، على الرغم بمعرفته التاريخية العامة أكثر من أغلب الناس، لكنه أكثر عرضة في عدم قبول حدوث الفعل.
نظراً لكون النضال الفلسطيني لا يمكن التنبؤ به، فأنت بحاجة إلى التكيف مع وجوده _ بدلاً من محاولة وصفه بسذاجة_، هناك الكثير من الأشياء التي كنت أتمنى عليك أستاذ يوسف زيدان القيام بها إذا ركزت على المعرفة المضادة، أو ما لا تعرفه، يمكنك إعداد نفسك بدراسة قصص النضال الفلسطينية  غير المتوقعة عن طريق زيادة غوصك بها، لهذا أنت بحاجة الى معرفة ما لا تعرفه، وخصوصاً عن نضال أسرانا في سجون الاحتلال وليس «غوانتانامو»، فإن الحدث النادر في عقلك يساوي عدم اليقين الذي يجب ترويضه.