كتب رئيس التحرير: جيش الرجال الستة الذي سَطَّر بأحرف من نور المعجزة الفلسطينية بمعانقة شمس فلسطين والنوم في ظل نخيلها العالي والغالي ونجاحهم الأسطوري في تجاوز كل العقبات وحفر نفق الحرية من سجن الجلادين.
توحد الشعب الفلسطيني كله خلف أبطاله الستة ووقف رافعا قلبه وقبعته وتحيته العسكرية لهم، هذا عدا عن انبهار العالم من هذا العمل الخارج عن المألوف والعابر لقلوب كل الداعمين للحرية والحق، مرسخا حقيقة أن هذا الشعب لا يُقهر، فهو يموت أو ينتصر.
تابع الجميع بشكل دقيق ردات الفعل الفلسطينية ومواقف الفصائل والأفراد والشخصيات الاعتبارية والتي كانت في غالبيتها تصب في موقف فخر واعتزاز وتقدير لهذه المعجزة، ولكن هناك ما أثار الاستغراب وعزز القناعات "وللأسف" بسلبية حماس التي بدأت بالصمت الكامل ثم وبشكل ممنهج ومبرمج بدأت في تشويه الإنجاز العظيم بجر الشارع لقضايا جانبية وفتنة داخلية، تارة ضد الأجهزة الأمنية وتارة ضد الحكومة وقيادات السلطة الوطنية، بل وأكثر من ذلك محاولة ضرب الفصائل ووحدتهم مثل فتح والجهاد بل تعدت الخطوط الحمراء بجر الشارع حول من قاد عملية الهروب فلان أم علان.
اعتقال أربعة من الأبطال الستة في الداخل المحتل يؤكد زيف ادعاء حماس أن أجهزة الأمن الفلسطينية بدأت العمل على تحديد موقعهم لتسليمهم لإسرائيل.
في كل المعارك التي خاضتها حماس بصواريخها من غزة كانت كل الفصائل وعلى رأسها حركة فتح داعمة ومساندة بل ومشاركة في المواجهة سواء في تعزيز صمود الشارع أو بالمشاركة بالمعركة ووصلت الأمور لتبني أعضاء باللجنة المركزية لحركة فتح ومجلسها الثوري والحكومة بمواجهة العالم في الدفاع عن شرعية إطلاق الصواريخ والوقوف في وجه أمريكا واسرائيل لترسيخ ذلك في المؤسسات الدولية ورفض أي اتهام لحركة حماس على أنها حركة ارهابية.
تفرُّغ وسائل إعلام حماس في التركيز على بث ونشر الدعايات التي تتعلق باتهامات باطلة لحركة فتح والسلطة الوطنية وعدم تعبئة الشارع في دعم وحماية الأسرى بل وعدم تهديد الاحتلال في حال تم المس بالأبطال المنسحبين من الظلم الاسرائيلي وعتمة سجونهم عمل مرفوض بل ومستهجن، وغير منسجم مع إعلانات حماس أنها داعمة للمقاومة والمقاومين وتصب في إضعاف الموقف العام وتثبيط للعزائم وتنغيص للفرحة العامة ونشوة النصر التي شعر بها كل فلسطيني.
كان الأولى لحركة حماس أن تركز على لغة الشارع بكل أطيافه والتي كانت ولا زالت تتحدث عن نصر أسطوري غير مسبوق في هزيمة الترسانة الإسرائيلية، وضرب في العمق لمنظومة الأمن والحراسة الإسرائيلية، بل وإخفاق كامل للجيش الاسرائيلي أمام ستة أبطال لا يملكون سوى ملعقة طعامهم والتي واجهوا بها إجراءات الاحتلال وانتصروا عليه.
حقق أبطال فلسطين بكل أطيافها نصرًا نهائيًا ومكتمل الأركان، بحيث استطاع الأسرى الأبطال الخروج من السجن لأيام عديدة ، وقد يصل من تبقى منهم خارج السجن إلى بر الأمان أو يعتقل أو حتى يستشهد، ولكنه حقق أقصى درجات النصر وفق إمكانياتهم المحدودة.
كان الأولى لحماس أن لا تصل إلى هذا المستوى من العمل المرفوض وطنياً والذي يحول الاشتباك مع الاحتلال إلى اشتباك داخلي بدلا من تصليب الموقف للأسرى الأبطال لنكون متفرغين لدعمهم بعيدا عن المعارك الجانبية والتي لا تخدم إلا أجندات تل أبيب.
على حماس أن تصارح نفسها وأن تعيد النظر مرات ومرات في ماكينتها الإعلامية، هذا إذا كانت تريد وجه الله والوطن، على حماس أن تعالج عينها فهي مصابة بعمى الألوان، ولا ترى إلا نفسها وعناصرها، عليها أن تعالج نفسها لترى الكل الفلسطيني باختلافاته وتنوعه.