مع تسلمه منصب رئيس الأركان قبل نحو سنتين ونصف، أعلن أفيف كوخافي بأن «مهمة جيش (الدفاع) الإسرائيلي توفير جيش فتاك». وفي أعقاب موجة القتل في الأشهر الأخيرة في الضفة الغربية على يد جنود الاحتلال، جرى الإعلان في إسرائيل عن أن رئيس الأركان التقى مع ضباط كبار في قيادة المنطقة الوسطى، وطلب منهم العمل على تقليص عمليات إطلاق النار.
لكن الملاحظ وكأن الأمر جاء معاكساً للحقيقة على الأرض. فالبروفيسور يغيل ليفي الباحث في شؤون العلاقة بين الجيش والمجتمع والسياسة في إسرائيل يقول: «منذ عهد رئيس أركانه السابق غادي آيزنكوت لم يعد معيار نجاح الجيش منع القتل من أجل منع توسيع العنف، بل الجيش نفسه بدأ في إحصاء الفلسطينيين القتلى من أجل مواجهة الاتهامات بعدم الشجاعة، حتى أن آيزنكوت تفاخر بأنه في سنتين قتل فقط في الضفة الغربية 171 فلسطينياً. الفتك الذي بشر به كوخافي عند تعيينه استند الى هذه البنية التحتية الثقافية الجديدة». ويضيف: «في هذه الظروف اليد الخفيفة على الزناد هي أمر لا يمكن تجنبه. هذه السياسة توجهها ثقافة فتاكة وثقافة إحصاء الجثث». وفي ذلك، كتب الصحافي المعروف جدعون ليفي يقول: «كوخافي، لا يختلف عن سابقيه، وربما حتى هو أسوأ منهم. هو يدير جيشاً طماعاً وجشعاً، لا يوجد دولة يوجد فقط جيش وميزانية دفاع، وكل ما تبقى ليذهب الى الجحيم». ويضيف: «التجاهل الوقح لاحتياجات الدولة هو خط التفكير الأعمق في الجيش الإسرائيلي الذي لم يغيره كوخافي. نفس خط التفكير يوجه أيضاً سلوك الجيش في أداء مهماته، بالضبط مثلما لا توجد دولة ولا توجد احتياجات أخرى في الميزانية، فانه لا يوجد أيضا لبنان أو سورية أو إيران. مسموح للجيش الإسرائيلي أن يستخدمها كما يريد. لا يوجد قانون دولي أو مجتمع دولي. لا يوجد شعب فلسطيني ولا توجد له حقوق. هذه هي نفس روح الغطرسة في النقاشات حول الميزانية ولا يوجد من يقف أمامها».
من جانبها، قالت أسرة تحرير صحيفة «هآرتس»: «أصابع الزناد السريعة لجنود الجيش الإسرائيلي وسام عار على الجيش ورئيس الأركان القاتل الذي يترأسه. لقد أثبت الجيش الإسرائيلي أنه سفاح ضد أناس أصغر منه وأضعف منه. فقط الازدراء المطلق لحياة الفلسطينيين يمكن أن يفسر مثل هذا الحصاد الدموي.. إذا كانت أرواح الفلسطينيين رخيصة في الضفة، فهي لا تساوي شيئًا في قطاع غزة، فمن وجهة نظر هذا الجيش الفتاك، بحسب كوخافي لا يوجد شيء اسمه المدنيون (غير المتورطين)، لا النساء ولا كبار السن ولا حتى الأطفال». ومن جهته، كتب الصحافي الإسرائيلي تسفي برئيل يقول: «كم عدد الفلسطينيين الأبرياء الذين مسموح قتلهم قبل أن يشعل القتل المنطقة؟ هل سيتم تحديد لكل كتيبة أو فصيل نصيب شهري أو سنوي للقتل الذي يجب عدم الانحراف عنه؟».
جيش الاحتلال، المدعوم من الحكومات المتعاقبة، يرتكب – وفقا للمراجع القانونية الدولية - جرائم حرب في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وحتى في مدن فلسطين 48. وعليه، متى ستترسخ حقيقة الاحتلال أمام العالم؟! ومتى ستصدر الصرخة المدوية من العالم بأن الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن إزالته عبر مناشدات ودعوات إلى المحتل بتغيير سياساته فقط، وإنما بخطوات دولية حاسمة؟!!